محاكمة التنظيم السري دليل على نزاهة القضاء – الحلقة الأولى
بعد أن أخذت التحقيقات وقتها شهدت المحكمة العليا الاتحادية جلسات عدة تم فيها مباشرة النظر في قضية التنظيم السري، وذلك بتاريخ 4 مارس الماضي، واستمرت إلى الحادية والعشرين من مايو الماضي، وانتهت بجلسة النطق بالحكم في الثاني من يوليو الحالي.
والسؤال الذي نطرحه هنا:
على ماذا تدل محاكمة التنظيم السري؟
وعلى ماذا تدل ما اتسمت به جلسات المحاكمة من الشفافية والنزاهة؟
وعلى ماذا تدل علنية المحاكمة؟
وعلى ماذا يدل ما شهدته المحاكمة من حضور قوي للصحافة وهيئات المجتمع المدني؟
وعلى ماذا يدل نقل مجريات المحاكمة في الصحافة التي هي بين يدي الجميع؟
إن ذلك يدل دلالة واضحة قاطعة على أمر لا شك فيه وهو: عدالة القضاء الإماراتي ونزاهته وشفافيته.
والعجب أنه في الوقت نفسه يحاول الهاربون من القضاء من فلول التنظيم شن حملات تخوين ضد القضاء الإماراتي والاستمرار في مسلسلهم المشين ضد دولة الإمارات وضد مؤسساتها وقضائها، والدفاع المستميت الأعمى عن التنظيم والمدانين الذين صدر فيهم حكم القضاء، فلا يعنيهم لا قضاء ولا عدل بمقدار ما يعنيهم الانتصار الأعمى للتنظيم البائد.
إن المجتمع الإماراتي يضع ثقته المطلقة في قضائه النزيه، وإن كل عاقل منصف ينظر نظرة اعتبار إلى الوقائع والحقائق والبراهين، ولقد أثبت الواقع العملي المشهود للقضاء في تعامله النزيه مع التنظيم إثباتا واضحة عدالة القضاء ونزاهته، وقد تجلى بوضوح في الجلسات المتعددة لمحاكمة التنظيم الحرص البالغ من المحكمة على أن تكون أحكامها عادلة، وعلى أن تكون مبنية على الأدلة والبراهين وعلى الواقع الذي لا لبس فيه، وقد تجلت معاني النزاهة والشفافية والإنصاف والعدالة من أول يوم تم فيه مباشرة محاكمة التنظيم.
فعلى ماذا يدل ذلك؟
لقد بدأت محاكمة التنظيم وسط أجواء من الشفافية والعلنية، وفي قاعة واسعة ومجهزة بأفضل تجهيز، ووسط ترتيب محكم للجلسة، ووسط رحابة صدر من رئيس الجلسة القاضي المستشار فلاح الهاجري، وقد كفلت المحكمة للمتهمين كافة الضمانات المنصوص عليها في الدستور والقانون وفقا لأعلى معايير المحاكمة العادلة والنزيهة.
فعلى ماذا يدل ذلك؟
لقد مثّل المتهمين مجموعة من محامي الدفاع المواطنين، وأكد جميع المتهمين تمتعهم بهذا الحق، وأتاح القاضي للمتهمين الحاضرين جميعا فرصة التعبير عن أنفسهم، وأتاح لمحاميهم فرصة الدفاع عنهم، ومنحهم الوقت الكافي للاطلاع على أوراق ومستندات وملفات القضايا المرفوعة من قبل نيابة أمن الدولة، كما حرصت المحكمة على تلبية كل متطلبات المتهمين الإنسانية التي يكفلها القانون، كما كانت هناك واقعة لافتة للنظر تمثلت في أن المحكمة نزلت عند رغبة ستة متهمين طلبوا عقد جلسة سرية.
فعلى ماذا يدل ذلك؟
لقد حضر وقائع الجلسات ذوو المتهمين وممثلون لمنظمات المجتمع المدني في الدولة، فقد حضر ممثلو جمعية حقوق الإنسان وجمعية الإمارات للمحامين والقانونيين وجمعية الصحافيين واتحاد الكتاب والأدباء وجمعية الاجتماعيين، وممثلون للصحافة ووسائل الإعلام المحلية.
فعلى ماذا يدل ذلك؟
لقد أصدر اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات بيانا بعد أول جلسة أشار فيه إلى أن ما أتيح للمتهمين في هذه القضية من ضمانات – من أهمها المثول أمام قاضيهم الطبيعي ليلقوا محاكمة عادلة – يؤشر وبوضوح إلى أن الإمارات دولة قانون في المقام الأول، وأنها تضع أبناءها ومواطنيها بل الإنسان بشكل عام على رأس اهتماماتها، حتى لو كانوا متهمين، كما أكد البيان على أن الإمارات عندما قررت علانية هذه المحاكمة تحديدا، فهي تؤكد احترامها للمبادئ القانونية التي تعارف عليها المجتمع الدولي، وهو مبدأ علانية الجلسات، وهذا ينطوي على حقيقة مهمة هي إنه ليس لديها ما تخفيه ولا ما تخشاه.
وقالت جمعية الصحفيين فى بيان أصدره مجلس إدارتها بعد الجلسة الأولى:”شهدنا ومعنا عائلات المتهمين ما اتسمت به الجلسة الأولى من توافر الضمانات الكاملة للمتهمين وحقهم فى محاكمة طبيعية دون أية إجراءات استثنائية ، وما أبداه رئيس المحكمة من تسامح واستجابة لرغبات وطلبات المتهمين والمحامين”.
كما أكدت جمعية الإمارات لحقوق الإنسان بعد حضورها الجلسة الأولى على أن الجلسة امتازت بسلاسة الإجراءات التنظيمية مما أدى إلى سير العمل بشكل تنظيمي ودون تعطيل للنظر في القضية، وأكدت على أن جمعية الإمارات لحقوق الإنسان والمجتمع الاماراتي بأكمله يثق في المؤسسة القضائية ودورها القضائي العادل في إرساء العدالة وحكم القانون.
وقد كانت جمعية الإمارات لحقوق الإنسان عقدت قبل ذلك مؤتمرا صحافيا وقفت فيه على أحوال الموقوفين وأوضحت حسن المعاملة التي يتلقونها وأنهم لا يتعرضون لأي تعذيب أو اعتداء بدني أو لفظي وأنه تتوفر لهم الرعاية الصحية والغذائية.
فعلى ماذا يدل ذلك؟
وقد ذكر الإعلامي محمد الحمادي ما اشتملت عليه المحاكمة في جلستها الأولى – حيث كان أحد الحضور – من تسامح وشفافية ومراعاة لتقاليد المجتمع، ومن ذلك أنه حسب نظام المحكمة يتوجب على المتهمات عدم تغطية وجوههن أثناء وجودهن في قاعة المحكمة، إلا أن القاضي كان متسامحا في ذلك ومراعيا لعادات وتقاليد المجتمع، فتم التأكد من شخصية المتهمات وجلسن براحتهن بنقابهن وخمارهن مغطيات وجوههن.
ومن ذلك أيضا أن القاضي لم يودع المتهمات في قفص الاتهام وإنما خصصت لهن المحكمة مكانا إلى جانب الحضور في لفتة كريمة.
كما أن المتهمين كانوا يجلسون إلى جانب الحضور لا يفصلهم عن أهاليهم سوى حاجز زجاجي شفاف لا يتجاوز ارتفاعه مترا ونصف المتر، مما أتاح للمتهمين وأهاليهم التواصل وتبادل التحايا بسهولة خلال فترة الاستراحة، كما أن كراسي الجلوس لم تكن تختلف عن كراسي قاعات السينما، وكراسي الحضور والمتهمين نفسها، كما أن الحراس من رجال الشرطة ونقيبهم كانون جميعا يتعاملون بكل لطف سواء مع المتهمين أو ذويهم.
فعلى ماذا يدل هذا التعامل والشفافية والتسامح؟
هذه مشاهد من أول جلسة من جلسات المحاكمة ..
قمة في الشفافية والنزاهة ..
وقمة في الإنسانية والكرم والتسامح ..
والعجب أنه في الوقت نفسه الذي تميزت فيه المحاكمة منذ جلستها الأولى بالشفافية والعلانية والتغطية الصحافية قام بعض محامي المتهمين ومن الجلسة الأولى بمحاولة لجم الصحافة والنيل من الصحفيين في تصرف غريب عجيب يعكس عن مدلولات مريبة.
وقد أعربت جمعية الصحفيين آنذاك عن أسفها الشديد لمثل هذا التصرف.
وقال اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في تساؤل مشروع: “إنه حين فسر اتحاد الكتاب حرص الإمارات على علانية المحاكمة بعدم وجود ما تخفيه وما لا تخشاه فهل يكون محقا لو فسر طلب أحد أعضاء فريق الدفاع عن المتهمين بلجم الصحافة بأن لديه ما يخفيه ولا يريد للناس أن يطلعوا عليه؟!”.
وقد كان الأمر كذلك، فقد كشفت جلسات المحاكمة وما ظهر فيها من أدلة إدانة قاطعة ما جعل مثل هذا التساؤل حقيقة واقعية.
فقد انكشف للجميع ما تلطخت به هذه الفئة من تآمر مشين ضد الدولة، وما سعت إليه من إدخال البلاد في فتنة عمياء لا يعلم بعواقبها إلا الله، وما قامت به في مؤامراتها من تهديد حقيقي لكل من يعيش على هذه الأرض، غير آبهة بشرع ولا قانون ولا دستور، وغير آبهة بالعواقب والمآلات والنتائج الوخيمة.
بل وتسترت بالدعاوى المزخرفة وجعلتها ستارا للتمويه والتدليس والخداع ونسجت من ورائه المؤامرات والمخططات لمناهضة مبادئ نظام الحكم في الدولة والسعي للاستيلاء عليه والارتباط بمنظمات خارجية والتواصل مع جهات خارجية للتأليب والاستعداء والتحريض على الدولة إلى آخر ما هنالك من صفحات سوداء مخجلة كتبتها الأيادي الآثمة للتنظيم بمداد التآمر.
لقد حاول التنظيم عبر بعض محاميه ومنذ أول يوم من جلسات المحاكمة لجم الصحافة وإخفاء الحقائق عن الناس ليتسنى التلبيس والتدليس والتعمية واستعطاف الرأي العام، ولكن الله سبحانه أبى إلا أن يفضح هذه الفئة ويكشف حقيقتها للجميع.
يتبع …