مدونة كاتب إماراتي

مدونة ترسم كلماتها أقلام إماراتية مبدعة ، تحمل هم الوطن ، وتكتب دفاعا عنه ، بفكر معتدل ، ورؤية وسطية

من يحارب الشعب السوري الإمارات أم التنظيم الإخواني الفاجر

لا يزال التنظيم الإخواني الفاجر يمارس فنون الدجل والكذب والافتراء على عباد الله من دون رادع ولا وازع، ابتغاء المغالبة بالباطل والانتصار لأجنداته الحزبية، فهو في هذا لا يتورع عن فعل أي شيء ولو بالغرق في أوحال الكذب حتى أخمص القدمين، فالأجندات الفاسدة جعلت أصحابها كالوحوش لا تعرف إلا النهش في الآخرين، والجنون الحزبي المستحكم فيهم أوقعهم في مهاوي القاعدة المكيافيلية: الغاية تبرر الوسيلة، حتى صار ظلم الآخرين عندهم من أهون ما يكون ولو بالأوهام الفاسدة فضلا عن الأكاذيب التي هي من الوضوح مثل الشمس في رابعة النهار، فلا غضاضة في ذلك كله عندهم إن كان فيه مصلحة للتنظيم الإخواني.
ومن أحدث الأكاذيب الفاجرة لهذا التنظيم البائس ما أطلقه بعض حاقديهم من هاشتاق مغرض بعنوان (الإمارات تحارب الثورة السورية)!!
ولو كان لهؤلاء عقول يرشدون بها لعلموا أنهم بمثل هذه الأكاذيب المكشوفة التي لا تخفى على أحد إنما يُسقطون أنفسهم ويفضحون افتراءاتهم ولا يضرون الإمارات في شيء، ولأن هؤلاء المفترون مقيدون بسلاسل الحزبية ومسجونون في سراديبها فلا يهمهم أن يفضحوا أنفسهم بالكذب على الآخرين في سبيل الأجندات الإخوانية.
ولقد علم القاصي والداني موقف دولة الإمارات من المأساة السورية، فلقد صدعت الإمارات في المحافل الدولية المشهودة والمؤتمرات واللقاءات المتعددة في الداخل والخارج بكلمات تنطق معانيها قبل حروفها بما في الوجدان الإماراتي متمثلا في قيادتها الحكيمة وشعبها الأصيل من المرارة والأسى والغصة تجاه ما يعانيه الشعب السوري.
لقد تكلم قلبها وضميرها ووجدانها قبل أن يتكلم لسانها.
لقد نطقت أفعالها وجهودها وأياديها ومساعيها على أرض الواقع لتصنع حقائق مشهودة لا يجحدها إلا مكابر لا يرى ولا يريد أن يرى إلا من منظار حزبيته.
لقد سعت دولة الإمارات ولا تزال إلى التخفيف من معاناة الشعب السوري ومن ذلك تقديم المساعدات المادية ومد يد العون للنازحين والمساهمة في مواساة المحزونين وتوفير الخدمات المتعددة من أجل توفير سبل الراحة والسلامة لهؤلاء، وأقامت بالتعاون مع بعض الدول الشقيقة المخيمات لاستقبال اللاجئين وتزويدها بالخدمات الأساسية والمرافق الحيوية ووضع أرقى الأنظمة لتأمين سلامة اللاجئين وتغطية احتياجاتهم وتنويع الخدمات لهم وتوفير جميع سبل الراحة.
لقد أصبح التضامن مع الوضع الإنساني للشعب السوري جزءا من وجدان الإمارات وقيادتها الحكيمة انطلاقا من دينها الإسلامي الحنيف وعروبتها الأصيلة وإنسانيتها الكبيرة.
يقول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمة له:”إن دولة الإمارات وبتوجيهات من سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بادرت منذ بداية الأحداث في سوريا إلى الوفاء بمسؤولياتها في تقديم العون والإغاثة للاجئين السوريين في دول الجوار”.
ويقول حفظه الله:”إن دولة الإمارات شاركت في كل الجهود الهادفة إلى مساعدة الشعب السوري الشقيق، ودعمت المبادرات العربية والدولية بأمل وضع حد للمأساة التي يتعرض لها وتحقيق تطلعاته المشروعة في حياة حرة وكريمة”، مؤكدًا سموه أن مبادرة دولة الإمارات اليوم هي استمرار في طريق مؤازرتنا ودعمنا لشعب سوريا الشقيق.
ووصف سموه الأحداث المروعة التي تمر بها سوريا والمأساة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب هناك “بالكبيرة والفظيعة بكل المقاييس، فهذا الدمار اليومي الذي يتعرض له البشر والحجر يهز المشاعر الإنسانية، ويضع الضمير الإنساني العالمي أمام تحد كبير”.
كما أفادت المصادر الإغاثية بأن دولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول التي تقدم مساعدات غذائية إلى المدنيين في الداخل السوري، وأكدت على أن دولة الإمارات قدمت ما نسبته 70 في المئة من إجمالي قيمة المساعدات الإنسانية المقدمة من دول الخليج العربي إلى الشعب السوري.
فهذه وغيرها حقائق مشهودة للقاصي والداني، والإمارات لا تتوانى أبدا عن مد أيادي العون إلى أشقائها، وهي سباقة في هذا المضمار لا تنتظر جزاء ولا شكورا، وهي إذ تضمد جراحات المنكوبين فإنها ترى أن ذلك واجب وتشريف وبذل لحقوق الأخوة مع الشعب السوري الذي هو جزء من جسد الأمة العربية والإسلامية الواحدة، وتاريخ دولة الإمارات في المجالات الإنسانية وجهودها في ذلك مضرب مثل وإشادة من العالم أجمع.
ثم بعد هذا كله لا يتورع الإخوان المسلمون وبكل فجور عن الافتراء على دولة الإمارات واتهامها كذبا وزروا وبهتانا بأنها ضد الشعب السوري.
فما بال هؤلاء لا يتورعون عن الكذب الصراح؟!
ولماذا كل هذا الحقد الذي أعمى أبصارهم حتى بلغوا هذا المستوى المنحط من الكذب والدجل؟!
فإن كانوا لا يستحون أن يجاهروا أمام العباد بالأكاذيب المفضوحة أفلا يستحون من الله سبحانه؟!
لقد جمع التنظيم الإخواني في أكذوبته الفاجرة ضد دولة الإمارات بين مخازي عديدة من: الكذب الصريح وجحود الواقع المشهود وإنكار الحقائق المعاينة الملموسة ونكران ما للآخرين من الأيادي البيضاء والاستخفاف بعقول الناس والإيغال في صناعة الزيف وإطلاق الافتراءات كبديل وهمي للتأثير على الرأي العام والانتصار للتنظيم الإخواني الفاجر، فلا يراعون في سبيل تنظيمهم للمسلمين حرمة، ولا للدول كرامة، فالمسلم الحقيقي عندهم هو من كان في تنظيمهم، ومن عداه فمسلم ناقص الإيمان أو خارج من الدين، والدولة الحقيقية في نظرهم هي من يكونون هم سادتها، وما عداها فلا شرعية لها ولا طريق للتعامل معها إلا بالتخطيط المستمر في جنح الظلام لزعزعة استقرارها واستلاب أمنها وسرقة خيراتها والاستيلاء على أنظمتها، ثم يلفون هذه الأفاعيل الإجرامية كلها بلباس كاذب من الدين، والدين الحق من ذلك كله براء.
نعم! إنها الأجندات الإخوانية والجنون الحزبي الذي أردى بهؤلاء فلم يعد مستغربا أن نراهم في مثل هذه المهاوي السحيقة.
ولكن …
لئن كان الإخوان المسلمون الأفاكون لا يتورعون عن الكذب والافتراء فإن الشعب السوري يعلم الحقيقة جيدا ويبصر عيانا ما في وجدان الإماراتيين قيادة وشعبا تجاه مأساته ويعلم ماذا يمثل رفع المعاناة عنهم لدولة الإمارات.
وأما الارتماء في أحضان إيران والتماهي مع أطماعها والتساهل مع النزعات الطائفية بل وإذكائها وإشعالها ولو على حساب الآخرين فهي رزايا تلطخت بها أيادي التنظيمات الإخوانية، وتاريخها في ذلك حافل، وأفاعيلها في ذلك مكشوفة لكل أحد، وواقعها اليوم ينطق بذلك.
فمن سمح للسفن الإيرانية بالعبور من قناة السويس؟!
ومن بات يعقد الاتفاقيات واللقاءات المبرمجة مع فلان وعلان بدم بارد؟!
ومن أصبح يتهاون مع القضية السورية ويفتح ذراعيه لمؤيدي بشار على حساب الشعب السوري المنكوب في سبيل المصالح الإخوانية؟!
ألا ينطبق التنظيم الإخواني بكلمة واحدة تجاه هؤلاء؟!
أم لأنهم منهم فلا إنكار ولا نكير؟!
إن التنظيم الإخواني في الحقيقة يكشف يوما بعد يوم بأنه لا يهمه أبدا أن ينطق بكلمة حق بمقدار ما يهمه الانتصار للأجندات الإخوانية الحزبية.
فتلك هي حقيقة الإخوان المسلمين من مبدأ نشوئهم وإلى يومنا هذا.
وأخيرا فإن ما يسعى إليه التنظيم الإخواني البائس من تشويه الصورة المشرقة لدولة الإمارات والاستعداء عليها هي حملة خاسرة وبكل المقاييس، لأنها تصطدم مع الحقائق الملموسة على أرض الواقع التي تشهد لدولة الإمارات بأنها السباقة في مد أيادي العون إلى أشقائها، وتصطدم مع التاريخ المشرق لدولة الإمارات وقيادتها وشعبها في هذا المجال وغيره.
ألا فليعلم الإخوان المسلمون بأنهم لم يضروا إلا أنفسهم …
إن كان لهم بقية عقل!

معالم خطورة الفكر الليبرالي على مجتمعنا الإماراتي ودولتنا – الحلقة الثالثة

إن ركني الليرالية الأساسيَّين هما: (الفردية) و(النفعية)، وكل ما عدا ذلك من مفاهيم كالحرية والتسامح والعقلانية والعدالة والمواطنة وحقوق الإنسان وغيرها فليست في المنظومة الليبرالية إلا مصطلحات تخضع في تفسيرها وصياغتها لخدمة هذين الركنين، فالميزان في تفسير الحرية وغيرها في الفكر الليبرالي بالدرجة الأولى هي الفردية والنفعية، ومن هنا فإن الليبرالية تسعى جاهدة إلى تفجير ثورات ثقافية في المجتمعات لتحوير المصطلحات والأفكار والثقافات لصالح الأيدلوجية الليبرالية، وذلك في محاولة لهيمنة الفكر الليبرالي على أي تفسير أو معنى في أي مجتمع كان، استغلالا للرأسمالية العالمية وخدمةً للقوى الطامعة الراغبة في السيطرة واستجلاب المصالح ولو على حساب الآخرين.
إن ذلك في الحقيقة يمثل حراكا ديكتاتوريا لفرض الليبرالية على الآخرين في معارك فكرية ضارية وتفجيرات ثقافية مدمرة.
فإذا جئنا إلى كلمة التسامح على سبيل المثال فإن من المعاني الجميلة التي نستلهم منها: التعايش السلمي وتحقيق الاستقرار العام وتوفير العدالة للجميع على اختلاف عقائدهم والانفتاح على المجتمعات الأخرى وتكوين الصداقات الإيجابية المثمرة والاستفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم ونتاجهم مع الحفاظ على القيم والثوابت والجذور والتعامل مع الناس جميعا بالأخلاق الراقية وإقامة الحوارات الحضارية البناءة والتعاون في خدمة البشرية ورفع المعاناة عنهم إلى غير ذلك من المعاني المهمة التي لا غنى عنها.
بينما نجد أن الليبرالية تسعى إلى صياغة التسامح بطريقة أخرى تخدم بها أجنداتها الخاصة وتوفر بها الأرضية الخصبة للقوى الطامعة الراغبة في بسط النفوذ والسيطرة على الآخرين، فحاولت أن تربط بين التسامح والفردية الليبرالية بتوصيف التسامح بأنه عدم التدخل في شئون الفرد تحت أي ذريعة من الذرائع وإعطائه الحرية المطلقة ولو على حساب الدين أو الأخلاق أو الأعراف أو العادات والتقاليد، كما حاولت الربط بين التسامح والعلمانية أحد ركائز الليبرالية، فحاولت تفسير التسامح بأنه فصل الديني عن السياسي فلا تسامح ليبرالي حقيقي إلا بقيام مجتمع علماني يتم فيه فصل الدين عن الدولة، بل حاول دعاة الليبرالية المتطرفون الذهاب بالتسامح إلى أبعد من المناداة بفصل الدين عن الدولة إلى المناداة بنقد الدين نفسه والتجني على ثوابته بوصفه أحد المسببات الرئيسية للتعصب بزعمهم، كما حاولوا توسعة دائرة التسامح الليبرالي من الحقل الديني والسياسي إلى حقل الأخلاق والسلوك وإلى كل الأفعال المرتبطة بالمنفعة الفردية ليكون الميزان هو ما يريده الفرد ويشتهيه بقطع النظر عن أي ثابت ديني أو اجتماعي أو أخلاقي أو إنساني، كما قامت أدبياتهم على الفصل بين الدولة والمجتمع المدني أو الفصل بين المدني والسياسي بحيث يبقى دور الدولة محصورا في حدود الحماية وما شابهها، كما حاولوا الربط بين التسامح والنسبية الليبرالية المفرطة محاولين فرض فكرة أنه لا تسامح ليبرالي حقيقي إلا باعتناق العقيدة النسبية تجاه الحقائق والمتمثلة في الإيمان بأنه لا توجد قيم مطلقة الصحة على الإطلاق، كلُّ ذلك لتذويب القيم الثقافية للدول وتدمير مقوماتها الرئيسية وخلخلة ترابطها الاجتماعي وتمزيق وحدة نسيجها وهدم أسوارها الداخلية وجعلها خاضعة للقوى الليبرالية ومصالحها وما تريد.
فحينئذ مهما كنت متسامحا فإنك لن تكون كذلك في نظر الفئة الليبرالية حتى تؤمن بما تؤمن به وتعمل بما تعمل به، وإلا أصبحت عندهم مناهضا للتسامح وهاضما لحقوق الإنسان.
والواقع أن الليبراليين أنفسهم هم من أبعد الناس عن التسامح، فهم لا يتورعون عن التماهي مع ذواتهم وإظهار أنفسهم على أنهم أصحاب العقول الراجحة والمتفتحة والمبشرون بالحرية والعقلانية والتسامح واحتكار فهم الحرية والكرامة والمساواة وغير ذلك وادعاء تمثيل هذه المصطلحات من دون الناس والتستر بالشعارات البراقة ومحاولة استدرار العواطف لتمرير الأجندات غير المقبولة، وفي المقابل ازدراء خصومهم ورميهم بأنهم أصحاب عقول منغلقة وأنهم غارقون في الاستبداد والظلامية والتخلف وأنهم غير ديمقراطيين وغير محترمين لحقوق الإنسان إلخ.
وقد مرَّ معنا في الحلقة الأولى كيف أن جون ستيوارت مل الأب الروحي لليبرالية الحديثة سوَّغ الأطماع الغربية الاستعمارية ورمى مجتمعات أممية أخرى بالتخلف والهمجية والبربرية والقصور والطفولية وأباح استعمارها واحتلال أراضيها بذريعة إصلاحها وتنويرها وفرض الليبرالية عليها.
فهل هذه الديكتاتورية الاستبدادية التي دعا إليها مل يمتُّ إلى التسامح بصلة؟!!
لقد حمل الليبراليون على عاتقهم التبشير بالهيمنة الغربية على العالم حتى قال فرانسيس فوكوياما أحد أنصار الفكر الليبرالي والتبشير بهيمنة القيم الغربية:”أرى أن الحضارة الغربية ستذيب الحضارات الأخرى وما تحمله من قيم مضادة لحضارة الغرب”!
ولقد رأينا كيف أن هذه الليبرالية المفرطة أو المتوحشة كادت أن تفتك بالمجتمعات الغربية وتجتث الاقتصاد الغربي من جذوره في الأزمة الاقتصادية الأخيرة وكيف فعلت بالعالم فيما عُرف بأزمة الكساد الكبير سنة 1929 وكيف أدت إلى انتشار معدلات الجرائم في الغرب وتفجير الفراغ الروحي والأخلاقي هناك إلخ.
وقد تناول غير واحد من كُتَّاب الغرب أنفسهم ما نجم عن الليبرالية من فشل وما أوقعتها من أخطار على نفسها بنفسها، ومن هؤلاء ريتشارد كوك كاتب ومؤلف أمريكي وكريس سميث وزير سابق لشؤون الثقافة ووسائل الإعلام والرياضة في أمريكا في كتابيهما (انتحار الغرب) حيث تطرقا إلى جوانب من ذلك الفشل، منها:
– النهج الإمبراطوري الليبرالي المتمثل في فرض الديمقراطية بالقوة على الآخرين.
– تزايد انفصال الليبرالية الكامل عن قاعدتها الأخلاقية والفراغ الأخلاقي المتزايد لليبرالية.
– الالتزام الذي يزداد ضعفا نحو الجماعة.
– ضعف الحرية التعاونية.
– فقدان العاطفة الحقيقية من قبل الليبراليين والخواء العاطفي في قلب الليبرالية.
– فقدان الليبرالية للمثل العليا السامية.
– اعتبار الأضرار الشخصية أو عيوبها عذرا للسلوك غير الاجتماعي.
– الانشغال في مطاردة المصلحة الذاتية مطاردةً لا تفتر.
– النسبية المفرطة بحيث يُرى أنه لا شيء أفضل من أي شيء آخر غيره، بحيث لا يُستطاع معرفة طبيعة الحقيقة أبدا، ذلك الذي من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الإحساس بالمسؤولية، ويتعارض مع الحوار العقلي الذي يفرض الالتزامات على أعضاء المجتمع ويفرض وجود بعض أشكال السلوك تكون أفضل من غيرها.
يقول صاحبا الكتاب:”وأشد الأمور أذى أن عقيدة النسبية قد صنعت الملايين من الضحايا المعادين للمجتمع، وأزالت الإحساس بالمسؤولية المدنية”.
إلى آخر ما هنالك ثم يقول لنا فوكوياما بعد هذه المصائب كلها مبشرا ومنذرا بأن الحضارة الغربية ستذيب الحضارات الأخرى!!
والذي يعنينا أن نعلم جيدا أن الليبرالية هي أحد الجسور التي يريد البعض عن طريقها أن يصدَّر إلينا قوالب فكرية لا تصلح لمجتمعنا ولا تتناسب مع خصوصياتنا الدينية والثقافية والاجتماعية وجذورنا التاريخية، فلنا مفاهيمنا للحرية والتسامح والديمقراطية والمواطنة وغيرها النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف وثقافتنا السمحة وجذورنا وقيمنا العربية الأصيلة وعاداتنا وتقاليدنا العريقة، ولنا طريقتنا المتميزة في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، والجمع بين المحافظة على الهوية والجذور ومواكبة العصر ومتطلباته في كافة الأصعدة، ولنا علاقاتنا المتميزة مع بعضنا البعض والقائمة على المودة والتراحم والتلاحم والإيثار وغير ذلك، ولنا علاقاتنا المتميزة مع ولاة أمرنا والقائمة على المحبة والولاء والوفاء والمناصرة والالتفاف والتعاون، ولنا علاقتنا المتميزة مع الآخرين.
إنَّ لنا منظومتنا المتكاملة وثقافتنا التي نتمسك بها ونعتز بها ونفتخر، ولنا تراثنا الفكري وثوابتنا التي تزخر بالأدبيات الراقية، ولنا مكتباتنا الزاخرة بالكتب المطبوعة والمخطوطة التي سطرها علماء وجهابذة أكابر، ومن حق هذا الموروث العظيم علينا أن نستفيد منه أولا ثم نتفنَّن في إظهار محاسنه وجواهره وترجمته إلى الآخرين في أجمل حُلَّة وأنصع بيان.
إن الليبراليين في الإمارات أو من يمكن أن يسمَّوا كذلك انشطروا إلى فريقين فريق يمارس الطعن والتشهير والاستعداء والرشق بالحجارة وفريق يداهن ويتملق ويزعم الولاء والطاعة، لقد مارس الإخوان المسلمون سياسة انشطارية ماكرة وها هم الليبراليون أو أشباه الليبراليين لم يختلفوا عنهم في سلوك الطريق نفسه.
ومن الخطط الليبرالية لزعزعة المجتمع الإماراتي ضرب العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ومحاولة إخراج هذه العلاقة المتميزة تدريجيا من نطاق تلاحم روحي ووجداني وعلاقة قلبية ناصعة متبادلة وتعاون إيجابي مثمر واصطفاف متين إلى نطاق ليبرالي مادي صرف وعلاقة نفعية هشة تتوقف فيها الأمور لدى الفرد على محض المنافع والمصالح وتنتهي بترسيخ ثقافة المعارضة والممانعة والمزاحمة ونشر الحزبيات والصراعات التي لا تخدم الفرد والمجتمع في شيء.
ومن الخطط الليبرالية أيضا نشر الفوضى الفكرية في المجتمع وانتزاعه من هويته وثوابته، ومن وسائلها في ذلك فتح باب تأويل النصوص الدينية على مصراعيه من دون قيد ولا ضابط ولا رجوع إلى أهل العلم والاختصاص، وقد تجرأ البعض من القديم على فتح باب التأويل غير المستند إلى الدليل حتى وصل الأمر بالبعض إلى الإغراق في العقائد الباطنية وإنكار أمور البعث والمعاد والجنة والنار واعتبار هذه الغيبيات مجرد أمثال مضروبة لترغيب الناس في الخير وترهيبهم من الشر وأنه ليس هناك في الحقيقة بعث ولا جنة ولا نار، وهذا ما صرح به بعض حاملي الفكر الليبرالي من أصحاب العمائم السوداء في عصرنا هذا، حتى أصبح الفكر الليبرالي وللأسف الشديد ستارا يتوارى خلفه أصحاب العقائد المتطرفة على اختلاف أشكالها كالمعتزلة الذين يرون تخليد مرتكب الكبيرة في نار جهنم وكالقرآنيين الذين ينكرون حجية السنة النبوية وكالملاحدة الذين ينكرون وجود الذات الإلهية، فما أسهل أن يقول أحد هؤلاء بأنه ليبرالي متحرِّر ثم يتلاعب بنصوص الشريعة كيفما شاء بتحريف معانيها وتأويلها على غير وجهها فإذا اعترض أحد على صنيعه قال بملء فيه: حرية فكر!!
إن الحديث عن الليبرالية ومعالم خطورتها حديث طويل، وإن المرجوَّ من المفكرين والمثقفين ومن أصحاب مهنة التعليم على وجه الخصوص وخصوصا دكاترة الجامعات أن يؤدوا رسالتهم على أكمل وجه وألاَّ يجعل أحد منهم من نفسه أبدا أداة لاستقطاب الأجيال إلى أفكار دخيلة هنا أو هناك وألا يكتفي أحد منهم بزخرفة الليبرالية للطلاب بإظهارها على أنها الحرية والكرامة إلخ؛ لأن ذلك تسطيح واختزال لا يوصل الحقيقة كما هي بل ذلك من شأنه أن يجعل الجيل فريسة لفكر مزيف لم يعرفوا حقيقته.
إن المأمول من مثقفينا ومفكرينا ومن كل من حمل مهنة التدريس والتعليم ومن أصحاب الأقلام الوطنية والبرامج الهادفة أن يرسِّخوا في نفوس الجيل القيم الأصيلة وأن يحثوهم على الجمع بين الأصالة والمحافظة على الهوية والثوابت والأخلاق وبين المعاصرة والانطلاق في سماء الإبداع والتقدم والرقي والتطوير والإنجاز.

معالم خطورة الفكر الليبرالي على مجتمعنا الإماراتي ودولتنا – الحلقة الثانية

حينما نتحدث عن الحرية فإن الحرية هي قيمة إنسانية عليا، غير أن الليبرالية أمر آخر تماما فهي تسييس للحرية، ذلك الذي ألقى بهذه القيمة الإنسانية إلى هاوية من التشويه والتناقض والقلقلة والنزعات الفردية والعنصرية والاستعمارية، فالإخوان المسلمون غرقوا في تسييس الدين لصالح مآربهم السياسية والليبراليون هم الآخر غرقوا في تسييس الحرية لصالح مآربهم وأجنداتهم.
ولذلك يقول د. عبد الله الغذامي:”الليبرالية نشأت في أصلها سياسية، ولا بد من الفصل بين مفهوم الحرية ومفهوم الليبرالية، حيث صارت الليبرالية هي الوجه المسيس لمفهوم الحرية، ويظل مصطلح الحرية هو المعنى الفلسفي الذي تدور عليه النظرية، بينما أخذت كلمة الليبرالية الوجه الآخر وهو وجه كامل التسييس” (الليبرالية الجديدة) ص147.
إن الفصل بين الليبرالية والحرية أمر لا مناص منه، استنقاذا للحرية من براثن التشويه والاستغلال والتسييس، ذلك الذي أودى بالحرية حتى جعل منها أداة نفعية شوهاء ومعولا هداما للقيم والثوابت، وما أشار إليه الدكتور الغذامي من التكوين السياسي لليبرالية – والتي أباحت لنفسها بموجب ذلك تسييس العديد من المصطلحات من أهمها الحرية والتسامح وغيرها -؛ أمر نراه واضحا في كلام العديد من مؤسسي الفكر الليبرالي أنفسهم كجون ستيوارت مل وذلك حينما يقول على سبيل المثال:”كانت غاية الوطنيين أن يضعوا حدودا لسلطة الحاكم التي يمارسها في المجتمع، وكان تقييد الحاكم على هذا النحو هو ما يعنونه بالحرية” (أسس الليبرالية)ص118.
لقد وُلدت الليبرالية كتوجه سياسي واجتماعي قائم على الصراع بين الفرد من جهة والسلطة والمجتمع من جهة أخرى والركون إلى النزعة الفردية المتطرفة التي جعلت الفرد هو العنصر الأعلى في الوجود وجعلت انكبابه على منافعه الذاتية هو المقصد الأعلى من الوجود البشري وبالتالي فلا بد من رفع أي قيد عنه كائنا ما كان وتضييق سلطة الدولة وتدخل المجتمع إلى أقصى حد إغراقا في الفردانية والنفعية.
يقول أ.د. فاروق أبو زيد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة:”الليبرالية ضد الحد من حرية الفرد سواء في الأخلاق أو الدين أو الثقافة أو الاجتماع أو الاقتصاد أو السياسة، ولكن المفهوم لم يكن دائما بهذا الاتساع، وإنما تبلور في شكل الحرية السياسية على أساس أنها مدخل للحريات الأخرى فكان دائم السعي إلى حصر دور الدولة في أضيق الحدود بحيث يصبح قاصرا على حماية الحريات الفردية” (الفكر الليبرالي في الصحافه المصريه)ص7.
ويقول:”لقد كان هدف الديمقراطية الليبرالية دائما هو تقليص القيود التي تضعها الدولة على الفرد إلى أقصى حد”.
لم تكن الليبرالية سوى أيدلوجية نفعية يقارع بها أصحابها السلطة الحاكمة من وجه ويمزقون بها ما يحيط بهم من قيود دينية واجتماعية وأخلاقية وغيرها من وجه آخر ليطلقوا ذواتهم من القيود والروابط سعيا وراء منافعهم الشخصية ذلك الذي يجسد تماما مبادئ الفكر الليبرالي ومرتكزاتها الفردية والنفعية.
وإمعانا في النزعة الفردية وتسويغا للخلاص من القيود جاءت العقيدة النسبية في الفكر الليبرالي تجاه المعارف والحقائق ونزع الوثوقية والعمومية منها والادعاء بأنه لا توجد قيم مطلقة الصحة وتسليط هذا المبدأ على الثوابت الدينية وغيرها تحت مسمى النقد والعقلانية والتحرر والتنوير.
ولذلك نجد شاكر النابلسي أحد الليبراليين العرب المعروفين يستعرض مبادئ الليبرالية فيقول ضمن ذلك:”عدم ادعاء المعرفة المطلقة والأحكام النهائية وأن لا وجود لعلم مطلق”.
ويقول ضمنها أيضا:”تأكيد إخضاع المقدس والتراث والتشريع والقيم الأخلاقية للنقد العميق”.
ويقول أيضا:”اعتبار الأحكام الشرعية أحكاما وضعت لزمانها ومكانها وليست أحكاما عابرة للتاريخ كما يدعي رجال الدين، ومثالها الأكبر حجاب المرأة وميراث المرأة وشهادة المرأة، إلخ”.
ويقول فاروق أبو زيد:”رفضت الليبرالية المبدأ المسيحي الذي يقول بأن أهداف الإنسان وقيمه تنبع من السماء، فهي لا ترى سوى الأهداف والقيم المادية التي تنبع من الأرض” (الفكر الليبرالي في الصحافه المصريه)ص15.
ويقول د. حازم ببلاوي:”الفكر الليبرالي يرفض الأفكار الموروثة والتي ترى أن للمجتمعات غايات محتومة غيبية أو غير غيبية وأن الفرد مسخر لتحقيق هذه الغايات” (عن الديمقراطية الليبرالية قضايا ومشاكل)ص12.
ذلك الذي يرينا بوضوح أن الفكر الليبرالي فكر ثوري متمرد يربي الفرد على النزعة التمردية تجاه كل موروث وعلى مصادمة العقول الجمعية أيا كانت وعلى عدم اعتقاد يقينية لرأي أو فكر أو مذهب أو دين وعلى الميل نحو التشكيك في الحقائق والمسلَّمات والدعوة إلى الفوضى الفكرية وتجريء كل أحد على الخوض في شرح النصوص الدينية من دون شرط أو ضابط والتلاعب بأحكام الدين وفتح باب التأويل على مصراعيه والإغراق فيه ونزع الثقة من أهل العلم وتجريدهم من مكانتهم وأهليتهم والافتيات على اختصاصهم.
وكنتيجة لتسييس الحرية في الفكر الليبرالي فقد كانت العلمانية أمرا كامنا في صلب الأيدلوجيا الليبرالية تأكيدا على النزعة الفردية والنفعية من جهة ونسبية الحقائق من جهة أخرى.
يقول شاكر النابلسي في التعريف بالمبادئ الليبرالية:”التأكيد على العلمانية وفصل الدين عن الدولة”.
ولقد تجلى الفكر الليبرالي الفوضوي التمردي بكل وضوح فيما سُمِّي سابقا بـ (منتدى الحوار الإماراتي) الذي رفع شعار الليبرالية وفتح الباب على مصراعيه في أقسامه لتجاوز الخطوط الحمراء بكل جرأة وقباحة بالاعتداء على الثوابت الدينية والمساس بالذات الإلهية والتجرؤ على أمور النبوات والمعاد والتشكيك في الدين وشن الحملات المسعورة ضد الدولة والطعن فيها والتعدي على رموزها وولاة أمرها ونزع الأهلية منهم ورميهم بأنواع السباب والشتائم حتى وصل الإسفاف بأولئك الفوضويين المتمردين إلى استغلال الكاريكاتيرات والتعليقات المزرية في السخرية والبذاءات.
إن البعض تعجبه الكلمة من دون تمحيص لمضامينها فيحاول أن يفصِّل منها معنى كما يريد ولو يتفريغ المصطلح من محتواه، فيدعي أنه يعتنق الليبرالية ولكنها ليبرالية ليست كالليبرالية! فهي ليبرالية بزعمه تؤمن بالقيود الدينية والاجتماعية والثقافية وهي ليبرالية غير مسيسة تنظر إلى ولاة الأمر باعتبارهم محلا للولاء والوفاء ولا تدعو إلى الثورة على المجتمع والنظام ولا إلى إحلال الفكر العلماني ولا غير ذلك.
إن من يقول هذه الكلمات إما أنه لا يدرك معنى الليبرالية فلا يعي منها إلا عناوين فضفاضة لا تتعلق بصلب المصطلح وجوهره، وإما أنه لا يعي أنه بفهمه الخاص وتمسكه بالقيود الآنفة الذكر قد خرج عن ثوابت الليبرالية وأصولها وأتى بمذهب توليفي جديد بعيد كل البعد عن حقيقة الليبرالية ومرتكزاتها، وإما أنه يمارس سياسة نفعية مداهنة تبيح له الكذب على عباد الله لتمرير أجنداته الليبرالية السياسية تحت شعارات براقة وغطاءات تجميلية انطلاقا من أن الغاية تبرر الوسيلة.

يتبع …

محمد الحضيف والجمع بين التطرف والغباء والفجور في الخصومة

ما يزال محمد الحضيف يمارس دورا أقرب إلى التهريج مؤثرا أن يجعل من نفسه أضحوكة أمام الآخرين، حيث أطلق هاشتاقا غبيًّا نفث فيه سمومه، وأكَّد للعقلاء فيه بأنه استحكمت فيه مشاعر الحقد والغل وغلبت على ما بقي له من منطق وعقل، ليصبح بأفاعيله المزرية مثار سخرية واستهجان، وهو مع ذلك كله يصفق لنفسه مفتخرا متباهيا وكأنه العالَم وحده ولسان حاله: انظروا! لقد فعلتُ شيئا ما في هذه الدنيا! وكأن الجسارة والشطارة هي في قلة الأدب واستطالة اللسان بالبذاءات والشتائم والبهتان وتوزيع التهم وإطلاق العبارات الساقطة.
نعم! لقد فعلتَ شيئا ما يا حضيف! لا نختلف في ذلك، فقد أوغلتَ في التطرف والغباء والفجور في الخصومة! و … وفضحت نفسك أمام الخلق وكشفت عن مستواك الفكري والأخلاقي المتدني في مسلسلك التحريضي ضد دولة الإمارات والذي يصدق فيك تماما قول الشاعر:
يا ناطح الجبلَ العالي ليَكْلِمَهُ … أَشفق على الرأسِ لا تُشْفِق على الجبلِ
ولكن الحضيف في الحقيقة لا يريد أبدا أن يشفق على نفسه، ولا يريد أن يستفيق من سكرة أحقاده، ولا أن يتحرَّر من أغلال تطرفه، ولا أن ينظر إلى الأمور بنظرة حقيقية واقعية بعيدا عن الوساوس والظنون والكذب على عباد الله، وبدلا من أن يكون ذا نفع في شيء ما إذا به يجعل من نفسه أداة هدم وإسفاف وتحريض وشتم، ولكنه في الحقيقة لا يهدم إلا نفسه ولا يسيء إلا إليها.
وما يضرُّ البحر أمسى زاخرًا … أن رمى فيه غلامٌ بحجرْ
فمتى تستفيق يا حضيف وتعلم هذه الحقيقة، وهي أنك أنت الخاسر، وأنك بسوء أفاعيلك تُرِي الناس صحائف أفكارك السوداء فلا تلقى من المنصفين العقلاء إلا النفور والسخرية والاستهجان.
لقد أطلق الحضيف ذلك الهاشتاق المغرض انتصارا لمشبوه تم القبض عليه في مطار دبي، فجُنَّ جنون الحضيف بسبب ذلك، وطار ما بقي فيه من عقل، وأخذ يسب ويشتم ويتوعد ويدعو إلى مقاطعة المطار، وليس هذا بعجيب على الحضيف، فلكل ساقط لاقط، كما أن الحضيف لا يهمه من قريب أو بعيد قانون ولا قضاء ولا عدالة، فهو لا يلقي بالا لذلك كله، ولا يريدها إلا شريعة غاب وما تهواه الأنفس؛ انتصارا للتنظيم الإخواني وللجماعات الإرهابية التي لا تصمد أمام القضاء والقانون.
وقد عُلم عن المشبوه الذي تم القبض عليه علاقاته الشخصية بالتنظيم الإخواني الإماراتي كما صرَّح هو نفسه في تغريداته وقد أطلق عدة تغريدات لدعمهم وأصر على أنه لن يتخلى عنهم وكان له دور واضح في الانتصار لهم، وهذا كله في العلن، وأما ما وراء الأستار وما خفي فأعظم وأعظم، والمشبوه هو الذي قال في بعض تغريداته:”حلمت أن شخص خبرني أن أحد العلماء مات !! فحزنت لموته ثم قلت الحمد لله أنه كان حلم ، فأخبرني نفس الشخص أنه الشيخ بن لادن مات !!! رحمك الله”!!
فإذا كان ابن لادن في نظر هذا المشبوه شيخا جليلا وعالما نبيلا فلمن تُرك التطرف والإرهاب إذن؟!!
وانتصارا للتنظيم الإخواني ولهذا المشبوه أقام محمد الحضيف الدنيا ولم يقعدها كعادته في التحريض والاستعداء وبث الأحقاد والضعائن والسموم والفجور في الخصومة.
والعجب أن الحضيف بعد أن لاقى استهجانا كبيرا من أهل الخليج الأوفياء على خلفية تغريداته الغبية فانتقده من انتقد وسخر منه من سخر إذا به يحاول أن يرقِّع تغريداته الساقطة بقوله:”بخصوص مقاطعة مطار دبي، للناس الذين يستهدفون ويتم خطفهم من المطار، وليس الكلام على إطلاقه”!!
أصبح الكلام الآن عند الحضيف – بعد أن أصبح مثار سخرية واستهجان من أهل الخليج – ليس على إطلاقه!!
إن هذه الترقيعة السخيفة من الحضيف تكشف عما يعيشه هذا الرجل من تخبط وعنجهية واستخفاف بالعقول بل وغباء وتهور وطيش، فقد حاول أولا أن يظهر عضلاته ليقول للناس جميعا بملء فيه في تويتر: (قاطعوا)، فلما انتقده المنتقدون وظهر للحضيف أنه أصبح باستعراضه البهلواني كالمهرج يضحك منه الناس إذا به يقول: لا لم أقل للجميع قاطعوا!!
فماذا قلت إذن يا حضيف؟!!
لقد بلغ الغباء بالحضيف إلى محاولة الضحك على الآخرين بمثل هذه الكلمات المكشوفة!
مسكين أنت يا حضيف!!
تريد أن تفرَّ مما وقعت فيه من تهريج لتقع في تهريج آخر وتكشف للجميع عن مزيد من التخبط والتلاعب وعدم الاتزان! وعن مناصرتك للتنظيم الإخواني وللمشبوهين على حساب الحق والعدل والإنصاف والخلق و … والعقل والمنطق!
وقد بلغ الفجور في الخصومة بالحضيف ونفسيته الحاقدة المريضة إلى التناهي في البذاءات ووصف دولة الإمارات بالأوصاف النابية القبيحة ضمن قاموس عريض مليء بالشتائم والألقاب الفاجرة التي يتنزه عنها الشرفاء والتي تفنن فيها المذكور متجردا بذلك عن الآداب الإسلامية الرفيعة التي تحث على كل خلق جميل وقول حسن وترك السباب والشتائم والتنابز بالألقاب والتزام الحق والعدل والإنصاف.
كما بلغ الإسفاف بالحضيف والتمادي في السخافات والفجور في الخصومة إلى محاولة التحريض بين دول الخليج والاستهزاء بمجلس التعاون والسخرية منه، مما يدل على أن الرجل آثر وبامتياز أن يجعل من نفسه معول هدم وعلى أوسع نطاق!!
والعجب أن الحضيف يكثر من الكلام عن أمن الإمارات وكأنه يزعجه كثيرا أن يعيش مجتمع الإمارات في أمن وأمان واستقرار، ولا ندري لماذا يزعجه ذلك؟! ولماذا هو مهووس إلى هذه الدرجة في التحريض على أمن الإمارات إلا إذا كان ممن يريدون سوءا وشرًّا؟!
كما أن من الملاحظ تماما أن الحضيف يعاني من وساوس مستحكمة تصوِّر له بصورة مستمرة أن هناك أشباحا تلاحقه في الظلام وأن هناك مؤامرات ومخططات لاختطافه وتعذيبه وتعليقه من رجليه!! فهو يعاني بسبب ذلك من أزمة نفسية عصيبة ومزاج حاد غير متزن، ولذلك فهو لا يتورع عن اتهام فلان أو علان بأنه جزء من مخطط تستهدف اختطافه والفتك به!!
إن على الحضيف أن يصحح مساره الفكري والخلقي عاجلا غير آجل وأن يعالج مشاكله النفسية قبل أن تستفحل به الأمراض وتطارده الكوابيس!
وليعلم الحضيف وأمثاله من المحرِّضين الذين يسيئون إلى دولة الإمارات منتصرين لحزب أو تنظيم بأنهم لن يضروا إلا أنفسهم وأن الشعب الإماراتي رجالا ونساءا كبارا وصغارا سيقفون لتحريضاتهم بالمرصاد ولن يترددوا لحظة واحدة في الدفاع عن حكامهم ورموزهم وأمنهم واستقرارهم ووحدتهم ضد كل إساءة وتحريض.

معالم خطورة الفكر الليبرالي على مجتمعنا الإماراتي ودولتنا – الحلقة الأولى

لا يقل الفكر الليبرالي خطورة على مجتمعنا ودولتنا من الفكر الإخواني، وفي ظل الاستقرار الذي ينعم به الشعب الإماراتي والعلاقة الوثيقة بينه وبين قيادته الرشيدة فإن المؤامرات من المغرضين تأخذ أشكالا مختلفة وشعارات متنوعة لهدم هذا الاستقرار وتقويض أركان العلاقة المتميزة بين الحاكم والمحكوم.
ويأتي الاختزال الشعاراتي الدعائي في أولويات استراتيجية أصحاب الأفكار الحزبية والثورية الساعين لتنفيذ أجنداتهم السياسية، فإذا كان التنظيم الإخواني حاول أن يمارس الاختزال واللعب بالشعارات بتوظيف كلمة الإصلاح كغطاء تجميلي لأجنداته فإن الليبراليين حاولوا ممارسة الاختزال نفسه والأسلوب الشعاراتي الدعائي بتوظيف كلمة الحرية كغطاء لأجنداتهم السياسية الثورية المتمردة محاولين بذلك إخفاء الوجه الحقيقي لليبرالية في صندوق جميل يخفي في داخله قنبلة فكرية قاتلة.
إن الإجابة عن سؤال ما هي الليبرالية بقول هي الحرية هو اختزال دعائي شعاراتي مشين، يجعل البعض لا يعرف عن الليبرالية إلا هذا العنوان الفضفاض الذي يضفي عليه هالة زائفة من البهرجة ويجعل المغرَّر به يقترب منه خطوات متسائلا ببراءة متناهية: ما هي المشكلة في أن نكون أحرارا؟! حيث يحاول الليبراليون استغلال الأسلوب الدعائي للضحك على العقول ومحاولة فرض فكرهم الليبرالي على الآخرين فيقول أحدهم لغيره: ألست تحب الحرية، إذن فأنت ليبرالي!!
بمثل هذا الأسلوب الرخيص البعيد عن الحقيقة والموضوعية يحاول البعض الترويج لأجنداته الليبرالية والتغرير بالآخرين، والسبب في ذلك أن الفكر الليبرالي يفتقر إلى أصالة وجذور في المجتمع الإماراتي فضلا عن تعارضه مع الثقافة الإماراتية وموروثاتها وتطلعاتها تعارضا صارخا، فإذا ما حاول أحد إظهار فكر ليبرالي على صورته الحقيقية الفعلية فإنه لن يلقى من الجميع إلا الصد والرد والنفور، فلا يجد حينها مناصا من أسلوب الاختزال الدعائي والطريقة الشعاراتية للتبشير والترويج لليبرالية برفع شعار الحرية كرديف لها، بل ويتجاوز الأمر أحيانا بالبعض إلى محاولة انتزاع شرعية كاذبة بمعادلة مركبة منافية للواقع والمعقول مفادها أن المجتمع الإماراتي يحب الحرية إذن فهو مجتمع ليبرالي!!
إن الفكر الليبرالي في حقيقة الأمر أبعد من ذلك الاختزال الدعائي الميكيافيلي كله، فهو منظومة ذات مضامين عديدة من أعلى قيمها ومرتكزاتها: النزعة الفردية المتطرفة والفلسفة النفعية ..
ومن إفرازاتها: العلمانية والتي تعني فصل الدين عن السياسة كما تعني فصل الدين عن النشاط البشري بعامة ..
ومن إفرازاتها: تأسيس العلاقة بين الفرد والحكومة على أساس تجاذبي يتم به تقليص دور الدولة إلى أقصى درجة ممكنة لصالح الفرد، وعلى أساس مادي صرف بعيدا كل البعد عن معاني الولاء والوفاء والأبعاد الوجدانية والإيمانية، وعلى رباط مصلحي نفعي عرضة للانفصام عند تنازع الرغبات والمصالح، وعلى استباحة التمرد وإسقاط الحكومة تحت شعارات التغيير والمعارضة واسترداد الحقوق المزعومة ..
ومن إفرازاتها: النزوع بالمجتمع من وضع جماعي متماسك متوافق فيه على منظومة من الثوابت والقيم إلى حالة من الفردانية المتطرفة تسعى إلى هدم الروابط وخلخلة الهوية وتفجير الفجوات وتوسيعها بحيث يبقى المجتمع عبارة عن مجرد أفراد مبعثرين لا تجمعهم رباط ولا ثوابت ..
كما يقوم الفكر الليبرالي على تسييس القيم كالحرية والتسامح وتحريف مفهوم المواطنة وتبني مركزية الحضارة الغربية وإزاحة التراث العربي والإسلامي الأصيل ومن ثم الانتقائية في طرح المفاهيم الغربية من دون مراعاة لخصوصية المجتمع ولا تمحيص لصلاحية تلك الأفكار للواقع المحلي واختزال التطور والتنوير والتقدم في تلك المفاهيم المراد تصديرها وفرضها وممارسة الديكتاتورية في فرض تلك الآراء بأساليب مختلفة منها اتهام الآخرين بالتخلف والتطرف والظلامية وانتهاك حقوق الإنسان والاستبداد وغير ذلك ..
كما يقوم الفكر الليبرالي على نسبية الحقائق والمعارف بحيث لا توجد قيم مطلقة الصحة ومن ثم التشكيك في الموروثات والعادات والتقاليد كما يقوم على النفعية التي يتم بها تسويغ السلوكيات والتدليل على خيريتها على أساس نفعي صرف فالخير هو اللذة والشر هو الألم مهما كانت تلك السلوكيات منافية للأخلاق والذوق والكرامة الإنسانية، إلى آخر ما هنالك.
والعجب أنه مع وجود الاختلاف الكبير والعميق في أمور جذرية بين الفكرين الإخواني والليبرالي إلا أنهما يتفقان في جوانب كثيرة، فقد تضمن الفكر الإخواني في أدبياته استباحة العنف كإحدى مراحل استراتيجيته في تنفيذ أجنداته وقد ترجم هذا واقعيا في ممارسات دموية عديدة في تاريخه، وهكذا تضمن الفكر الليبرالي في جوانب من أدبياته استباحة العنف تحت شعار (لا حرية لأعداء الحرية) ومارست الثورة الفرنسية بهذه الذريعة البطش والإرهاب وارتكبت الجرائم الفظيعة ضد مخالفيها ومعارضيها ..
ومن وجوه الاتفاق أيضا: ممارسة الفكر الإخواني للديكتاتورية والاستعلاء بالتنظيم ومحاولة فرضه على الآخرين والتدخل في شؤونهم، وهكذا نجد أن الليبرالية استباحت التدخل في شؤون الآخرين حتى وصل الأمر بها إلى شرعنة الاستعمار واعتباره طريقا لنشر الحرية والتقدم في حق الشعوب التي تزعم أنها شعوب رجعية متخلفة، وقام نابليون بهذه الذريعة بما قام به من الحملات الاستعمارية وارتكاب المذابح والمجازر، وقد تأثر بهذا الاتجاه بعض المفكرين العرب حتى أقاموا سرادق الاحتفالات بمناسبة الحملة الفرنسية على مصر بدعوى أنها جلبت للعرب النهضة والتنوير والتقدم متجاهلين أنها لم تكن إلا استعمارا وجلبا للخراب والدمار وسفك الدماء.
وفي هذا الصدد نجد جون ستيوارت مل الذي يوصف بأنه مؤسس الليبرالية الحديثة والأب الروحي لها يقول مسوغا الاستعمار والاستبداد والعنصرية والازدراء من الآخرين:”نحن هنا لا نتحدث عن الأطفال أو المراهقين الذين لم يبلغوا سن الرشد الذي قد يحدده القانون للرجال أو النساء، فهؤلاء جميعا في وضع يحتاجون فيه إلى رعاية الآخرين، ولا بد من حمايتهم من إيذاء أنفسهم بقدر ما نحمي الآخرين من أضرارهم الخارجية، ولهذا السبب نفسه فإننا يمكن أن نخرج من نطاق البحث مجتمعات الأمم المختلفة حيث يمكن اعتبار الشعب نفسه في سن القصور”! (أسس الليبرالية / القسم الثاني)ص128.
إلى أن يقول بصراحة:”إن نظام الاستبداد مشروع كنمط من أنماط الحكم في حكم الهمج أو البرابرة شريطة أن تكون الغاية المنشودة هي إصلاحهم والوسائل التي تبررها هي التحقيق الفعلي لهذه الغاية”! ص129.
ولذلك لا نستغرب حينما يقول شاكر نابلسي أحد الليبراليين العرب المعروفين بكل جرأة وهو يسرد مبادئ الليبرالية:”عدم الحرج من الاستعانة بالقوى الخارجية لدحر الديكتاتورية العاتية واستئصال جرثومة الاستبداد وتطبيق الديمقراطية العربية، في ظل عجز النخب الداخلية والأحزاب الهشة عن دحر تلك الديكتاتورية وتطبيق تلك الديمقراطية” (أسئلة الحمقى في السياسة – من هم الليبراليون العرب الجدد) ص89.
ويقول أيضا:”لا حرج من أن يأتي الإصلاح من الخارج، ولكن بالطرق الديبلوماسية، والمهم أن يأتي سواء أتى على ظهر جمل عربي، أو على ظهر دبابة بريطانية أو بارجة أمريكية أو غواصة فرنسية” ص90.
ومن وجوه الاتفاق بين الفكرين الإخواني والليبرالي أيضا: أن الفكر الإخواني جند نفسه للاستحواذ على أزمة السلطة بدعوى إقامة خلافة إخوانية، وهكذا تضمن الفكر الليبرالي في بعض أدبياته مبدأ المواطنة العالمية بالمعنى الذي أريد منه انتزاع الأفراد من نطاق الولاءات المنحصرة في حيز جغرافي وقيادات محلية إلى ولاء عالمي هلامي للقيم الليبرالية ومؤسسيها ذلك الذي كان أيضا إحدى ذرائع نابليون في حملاته الاستعمارية.
وبعد هذا كله نتساءل: هل يصح اختزال الليبرالية في كلمة الحرية؟!!
إن ما ذكرناه – وهو قليل من كثير – يبين لنا بكل جلاء أن اختزال كلمة الليبرالية في الحرية هو اختزال دعائي شعاراتي تجميلي ووسيلة ميكيافيلية من قبل الليبراليين للضحك على العقول والتغرير بالآخرين، فالحرية قيمة إنسانية عليا غير أن الليبرالية أمر آخر تماما.

يتبع …

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الرابعة (الإخوان والسلطة)

استعرضنا في الحلقات الماضية كيف أن جمعية الإصلاح قامت بالدعاية والترويج للمؤلفات الإخوانية في كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) إحدى مطبوعاتها والتي منها إضافة إلى ما سبق: مؤلفات محمد قطب وسعيد حوى ويوسف القرضاوي وحسن الترابي ومحمد أحمد الراشد وغيرهم.
لقد حاول التنظيم الإخواني الإماراتي جاهدًا غسل أدمغة الشباب وحشوها بالفكر الإخواني من خلال ربطهم برؤوس التنظيم ومؤسسيه ومؤلفاتهم وبالخصوص مؤلفات حسن البنا وسيد قطب وإقامة معارض للكتاب وإصدار مطبوعات من أجل تسريع عجلة الغزو الفكري الإخواني للمجتمع.
وماذا عسى أن يثمر التنظيم الإخواني في أي مكان كان إلا عن تمجيد لفكر الإخوان وإضفاء هالات التقديس والمديح والإطراء على مؤسِّسيه ومنظِّريه وزجِّ الشباب في أتون أفكارهم؟!
بل ويصل الأمر في التضليل إلى محاولة إيهام العقول بأن الإخوان المسلمين هم جند الله في الأرض والصفوة المختارة للبعث والإنقاذ!
يقول حسن البنا:”دعوتنا دعوة البعث والإنقاذ”!
ويقول:”نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين”!
ويقول مخاطبا أتباعه:”يا أيها الممثلون الحقيقيون لخير أمة أخرجت للناس”!
ويقول لهم أيضا:”اذكروا جيدا أيها الإخوة: أنكم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس، وأنكم العقل الجديد الذي يريد الله أن يفرق به بين الحق والباطل في وقت التبس عليها فيه الحق بالباطل، وأنكم دعاة الإسلام، وحملة القرآن، وصلة الأرض بالسماء وورثة محمد صلى الله عليه وسلم، وخلفاء صحابته من بعده، فضلت دعوتكم الدعوات، وسمت غايتكم على الغايات، واستندتم إلى ركن شديد، واستمسكتم بعروة وثقى لا انفصام له، وأخذتم بنور مبين وقد التبست على الناس المسالك وضلوا سواء السبيل”!!
هكذا يرى حسن البنا تنظيمه!
ونتيجة لهذه النظرة الاستعلائية العجيبة والنرجسية الفكرية يرى حسن البنا أن معيار الولاء والبراء وميزان الحب والكره هو التنظيم الإخواني ومصالحه.
يقول حسن البنا:”هناك قاعدة عامة تجب مراعاتها، هي أننا أصحاب دعوة نوجهها للناس جميعا، فمنزلتنا من الناس منزلة الداعية من المدعويين، ومنزلة الناس منا منزلة المدعويين من الداعي، ذلك يشملهم جميعا أفرادا وجماعات وهيئات، ونحن نعتقد أن الجهر بهذه الدعوة وتوجيهها للناس فريضة علينا، وأن حمايتها والذود عنها فريضة كذلك، فالبدهي أن موقفنا العام من كل الناس هيئات وأفرادا أن نوالي ونحب من والاها وأحبها وساعدها، وأن نكره ونعادي من ناوأها ووقف في طريقها”!
إلى آخر تلك العبارات الغارقة في النرجسية والاستعلاء والحزبية.
وسنسلِّط الضوء في هذا المقال على حقيقة العلاقة بين التنظيم الإخواني الإماراتي والإخوان عموما وبين طلب الحكم والاستيلاء على الأنظمة في أقطار العالم الإسلامي، مستعرضين بعض أقوال مرشدي التنظيم أنفسهم في هذا الصدد قبل أن نستعرض بعد ذلك ما جاء في بعض مطبوعات جمعية الإصلاح، وذلك بالجواب على الأسئلة الآتية:
ما الهدف الأساس من إنشاء حسن البنا لتنظيم الإخوان المسلمين؟
وماذا يمثل طلب الحكم والسلطة في أجندات التنظيم الإخواني وأدبياته؟
وهل هو هدف ثانوي أم أنه غاية الغايات وأمُّ المقاصد وأمنية الأماني؟
وهل يقتصر الأمر فيه على قُطر من الأقطار أم أنه هدف أخطبوطي يستهدف كافة الأنظمة في بلدان المسلمين؟
وما هو طبيعة الخطاب الموجه من قبل التنظيم الإخواني إلى المسلمين عموما بخصوص هذا الهدف؟
وما موقف التنظيم من المسلمين الذين لا يرتضون هذه الأجندات الإخوانية؟
وحينئذ نقول:
1- إن الهدف الأساس من إنشاء حسن البنا لتنظيم الإخوان المسلمين يتمثل في أمر رئيسي واحد وهو الوصول إلى السلطة من أجل إقامة دولة عالمية وخلافة إخوانية.
يقول حسن البنا:”الإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس منهاجهم”.
ويقول عمر التلمساني المرشد الثالث للإخوان:”إن إقامة الحكومة الإسلامية هي مناط الرجاء في دعوة الإخوان المسلمين وهي أمنية أمانيهم”.
ويقول مصطفى مشهور المرشد الخامس:”الهدف الذي أقام الإمام الشهيد جماعة الإخوان من أجل تحقيقه هو إقامة دولة الإسلام العالمية وعلى رأسها الخلافة الإسلامية”.
ويقول أيضا:”هدف الإخوان إقامة دولة الإسلام العالمية وإعادة الخلافة”.
نقول:
هذه نصوص واضحة صريحة من كلام مرشدي التنظيم الإخواني الذين يمثلون أعلى رأس في التنظيم تبين لنا بكل جلاء ووضوح أن الهدف الأساس من وجود تنظيم الإخوان المسلمين هو الاستحواذ على زمام الحكم في بلدان المسلمين والاستيلاء على السلطة فيها.
فماذا بقي بعد هذا ليوقن المغرَّر به أن غاية التنظيم الإخواني وهدفه هو هذا الذي اعترف به مرشدو التنظيم أنفسهم؟!
2- بناء على ما سبق فإننا نجد أن الجماعة الإسلامية القدوة في نظر التنظيم هي التي قامت على هذا الأساس لا غير وهو أن يكون الهدف الكلي الجامع الذي قامت من أجله هو استهداف السلطة والحكم.
يقول مصطفى مشهور:”من الأمور الأساسية التي يلزم توفرها في الجماعة الإسلامية القدوة أن يكون الهدف الذي قامت من أجله هو ذلك الهدف الكلي الجامع وهو التمكين لدين الله في الأرض بإقامة دولة الإسلام العالمية، وأن يكون في منهاجها القيام بسائر ما يحتاج إليه ذلك الهدف من خطوات وإعداد”.
بل نراه يقول بكل وضوح رافضا كل جماعة لا تتبنى هذا الهدف:”أي جماعة تحصر نفسها في بعض جوانب الإسلام أو حتى كل متطلبات الإسلام متجنبة هذا الهدف وهو: إقامة الدولة الإسلامية والخلافة الإسلامية؛ مثل هذه الجماعة لا تكون جديرة بالعمل معها، إذ يظل التقصير فى أداء الواجب قائما وإثم التقصير قائما أيضا”!
3- لذلك نجد أن الإخوان يعتبرون الوصول إلى السلطة من أجل إقامة دولتهم العالمية هو الواجب الأهم على كل مسلم ومسلمة والهدف الكلي الأكبر المطلوب من كل فرد وجماعة والمقصد الأساس من أي اجتماع أو تضافر جهود.
يقول مصطفى مشهور:”وفَّق الله الإمام حسن البنا في وضع الأسس والمقومات التي يقوم عليها العمل الإسلامي لتحقيق أهم هدف يجب على المسلمين جميعًا تحقيقه وهو التمكين لدين الله في الأرض وإقامة دولة الإسلام العالمية وعلى رأسها الخلافة الإسلامية”.
ويقول:”الهدف الكلي الأكبر الذي تمليه طبيعة المرحلة ويوجبه الإسلام هو إقامة الدولة الإسلامية وعلى رأسها الخلافة الإسلامية”.
ويقول:”ندعو العاملين الصادقين الى تفهم طبيعة المرحلة التي تمر بها الدعوة الإسلامية في عصرنا هذا وما توجبه هذه المرحلة على المسلمين من واجبات أولها وأهمها تحقيق الهدف الكلي وهو إقامة دولة الإسلام وخلافته وتكريس الجهود لتحقيقه”.
ويقول:”الهدف الأولى بالاجتماع عليه وتضافر الجهود لتحقيقه والذي تمليه على المسلمين طبيعة المرحلة التي تمر بها الدعوة الإسلامية في عصرنا هذا هو إقامة الدولة الإسلامية العالمية وعلى رأسها الخلافة الإسلامية”.
4- بناء على الفكر الإخواني المذكور لم يقتصر التنظيم في خطة الاستيلاء على الأنظمة على نطاق جغرافي محدود وإنما تجاوز كل الحدود الجغرافية مستهدفا كافة الأنظمة في بلدان المسلمين.
يقول مصطفى مشهور:”إن الهدف عالمي وليس إقليميا، وهو إقامة دولة الإسلام العالمية لا مجرد إقامة حكومة إسلامية في قُطر ما منعزلة عن سائر أقطار العالم الإسلامي”.
ويقول أيضا:”إن الذى ينشده الإخوان ليس دويلة إسلامية في قُطر إسلامي فحسب، ولكنهم ينشدون دولة إسلامية عالمية تغطي الساحة الإسلامية”.
5- يرى الإخوان المسلمون تحقيقا لخطتهم في الاستيلاء على الأنظمة وجوب الانخراط في التنظيمات الحركية والإخلاص لها بالطاعة الولاء.
يقول مصطفى مشهور:”لما كان هذا الواجب الأساسي والمهم هو إقامة الدولة الإسلامية لا يتم بشكل فردي بل بالعمل الجماعي المنظم والمخطط له؛ علمنا أن الجماعة والعمل الجماعي واجب على كل مسلم ومسلمة تحقيقه، ولا يجزئ العمل الفردي المبعثر غير المنظم عن ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”!
6- حيث إنَّ الفكر الإخواني يعتبر أن الهدف الأكبر هو إقامة الدولة المزعومة وجَّه التنظيم خطابا تحريضيا إلى جميع المسلمين في أقطار الأرض يأمرهم فيه بتنفيذ الأجندات السياسية للإخوان وتسهيل وصولهم إلى السلطة، معتبرا تنفيذ هذا الأمر فريضة محتمة على كل مسلم ومسلمة، وأن أي تقصير فيه سبب للتأثيم والتجريم ودليل على ضعف الانتماء إلى الإسلام.
يقول مصطفى مشهور:”نحن نطالب كل مسلم عامة وكل شاب خاصة أن يتعرف على معنى انتمائه للإسلام وأن يعلم تماما ما يمليه عليه إسلامه من ضرورة العمل لتحقيق هذا الواجب الذي تمليه عليه طبيعة المرحلة وهو إقامة الدولة والخلافة”.
ويقول أيضا:”هكذا وبهذا الاختصار الشديد نرى أنه لزاما على كل مسلم ومسلمة فى هذه الفترة من عمر الدعوة أن يعملوا لإقامة دولة الإسلام وأن يسلكوا طريق الدعوة الذى نسلكه لتحقيق هذا الواجب”!
ويقول:”يجب توضيح أن مسئولية إقامة الدولة الإسلامية ليست قاصرة على الحكام أو العلماء ولكنها مسئولية كل مسلم ومسلمة موجودين فى هذه الفترة من عمر الدعوة الإسلامية وأن المسلمين جميعا آثمون إن لم يعملوا على إقامة الدولة الاسلامية”.
ويقول:”إن مسئولية إقامة الدولة الإسلامية هي مسئولية كل مسلم ومسلمة، وليست مسئولية الحكام والعلماء دون غيرهم، إذ الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يكون لهم دور فى أداء هذا الواجب الإسلامي الذي تفرضه طبيعة المرحلة التي نعيشها من عمر الدعوة الإسلامية بعد سقوط الدولة والخلافة، والذين يقصرون عملهم على العلم والعبادة والذكر وعمل الخير دون العمل على أداء هذا الواجب آثمون مقصرون”!
ولذلك نجد حسن البنا نفسه يقول:”هذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه … قد يكون مفهوما أن يقنع المصلحون الإسلاميون برتبة الوعظ والإرشاد إذا وجدوا من أهل التنفيذ إصغاء لأوامر الله وتنفيذا لأحكامه وإيصالا لآياته ولأحاديث نبيه, وأما الحال كما نرى: التشريع الإسلامي في واد والتشريع الفعلي في واد آخر فإن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف”.
إلى أن يقول:”إن لم يجد الإخوان المسلمون الحكم بمنهاج إسلامي قرآني فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله”!
وهذا كلام واضح صريح من حسن البنا يتضمن الآتي:
أ- عدم اعتراف بالحكومات الإسلامية القائمة.
ب- أن المطالبة بالحكم في ظل هذه الحكومات فريضة واجبة.
ج- أن القناعة برتبة الوعظ والإرشاد لا تنفع.
د- أن القعود عن المطالبة بالحكم جريمة لا يكفرها إلا استخلاص قوة التنفيذ من أيدي الحكومات.
هـ- أن الإخوان المسلمين سيعملون على استخلاص الحكم من أيدي هذه الحكومات.
وبعد استعراض هذه التصريحات من مرشدي التنظيم الإخواني نقول:
لقد حاولت جمعية الإصلاح الترويج لهذه الثقافة الإخوانية الفاسدة في المجتمع الإماراتي، وسعت إلى تكريس فكرة غياب الدولة الإسلامية والتي تتضمن كنتيجة بديهية عدم الاعتراف بالدول الإسلامية القائمة اليوم، كما سعت إلى تكريس الفكرة الإخوانية المتمثلة في أن الواجب الأساس على كل مسلم ومسلمة هو التركيز على إقامة الدولة المزعومة والتخطيط لذلك.
فقد جاء في إصدار مطبوع لجمعية الإصلاح بعنوان (نحو وعي إسلامي) ص30 ما نصُّه:”إن جهود الداعين إلى الإسلام يجب أن تتركز في إقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بما أنزل الله، وتقيم الحياة كلها على أساس الإسلام، تطبقه في الداخل، وتبلغه في الخارج، وحين تقوم هذه الدولة ستتولى هي كل ما ذكرت من حاجات المجتمع ومطالبه”.
نقول:
تضمن هذا النص ما يلي:
أ- ادعاء جمعية الإصلاح – ترسيخًا للفكر الإخواني – غياب الدولة الإسلامية التي تحكم بما أنزل الله.
ب- بالتالي فإن دولة الإمارات ودول المسلمين عموما في نظر جمعية الإصلاح لا تعتبر دولا إسلامية معترفا بشرعيتها.
ج- أن الواجب على الدعاة في نظر هذه الجمعية أن يركزوا جهودهم على إقامة الدولة الغائبة وذلك بالاستيلاء على أنظمة الحكم في بلدان المسلمين والتمهيد لإقامة الدولة العالمية للإخوان المسلمين.
تقول جمعية الإصلاح في الكتاب المذكور:”وعلينا أن نعمل لإيجاد هذه الدولة، ولا نضيع الوقت في ترقيعات جزئية، وإصلاحات جانبية، أشبه بالأقراص المسكنة للآلام، وليست بالأدوية التي تستأصل الأمراض من جذورها”.
وهذا كلام واضح فيه تأكيدٌ على أن جمعية الإصلاح لا تؤمن إلا بالاستيلاء الكامل على السلطة وأن أي عمل سواه فما هو إلا طريق ووسيلة للاستحواذ الكلي.
تقول جمعية الإصلاح:”ونقول لهؤلاء الإخوة: إن إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بشريعة الله وتجمع المسلمين على الإسلام وتوحدهم تحت رايته فريضة على الأمة الإسلامية، يجب أن نسعى إليها، وعلى الدعاة إلى الإسلام أن يعملوا بكل ما يستطيعون للوصول إليها، متخذين أمثل المناهج، سالكين أفضل السبل، ليجمعوا الجهود المبعثرة، ويقنعوا العقول المرتابة، ويزيحوا العوائق الكثيرة، ويربوا الطلائع المنشودة، ويهيئوا الرأي العام المحلي والعالمي لتقبل فكرتهم وقيام دولتهم”.
هذا الكلام الصادر من جمعية الإصلاح خطاب تحريضي سافر يأمر الدعاة والمسلمين عموما بأن يسعوا في تنفيذ الأجندة السياسية للإخوان المسلمين وأن يقوموا في سبيل ذلك بجمع الجهود وإقناع العقول وإزاحة العوائق وتربية الطلائع والغزو الإعلامي.
تقول جمعية الإصلاح:”وهذا كله يفتقر إلى وقت طويل، وصبر جميل، حتى تتهيأ الأسباب، وتزول الموانع، وتتوافر الشروط، وتنضج الثمرة، وإلى أن يتحقق هذا الأمل ينبغي أن يشتغل الناس بما يقدرون عليه، ويتمكنون منه، من خدمة لأهليهم، وإصلاح لمجتمعاتهم، التي يحيون بين ظهرانيها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، على أن في ذلك تربية للطلائع المرجوة، وصهرا لها، وامتحانا لقدرتها على قيادة المجتمع والتأثير فيه”.
فلا بد في نظر جمعية الإصلاح من أن يقوم التنظيم الإخواني باختبار قدراته ونجاحه في قيادة المجتمع والتأثير فيه كخطوة أولى في طريق القيادة الفعلية المتمثلة في الاستحواذ على السلطة والذي يحتاج في نظر التنظيم إلى فترة زمنية لتهيئة الأسباب وإزالة الموانع.
والعجب أن أدعياء الإصلاح هؤلاء الذين يتشدقون اليوم بكلمات من قبيل الديمقراطية وغيرها نرى أنهم كانوا بالأمس من ألد أعدائها وأشد مناوئيها، ولكن الغاية في نظر هؤلاء تبرر الوسيلة، ولا مانع من أن ينقلب المحرَّم البغيض إلى فريضة واجبة إذا كان فيه تحقيق مصالح التنظيم ومآربه!
تقول جمعية الإصلاح في كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) ص28:”وتحرص الجمعية على الأخذ بيد الشباب الذي يلتقون في دارها ليستكملوا نقصهم، ومن شأنها أن تجعلهم في المستوى اللائق لكشف زيف الآراء المستوردة وبيان تفوق نظرية الإسلام الاقتصادية على المذاهب الرأسمالية والاشتراكية، ونظريته السياسية على الديمقراطية بكافة أشكالها العالمية”.
يكشف لنا هذا النص كيف تبرأت جمعية الإصلاح في سالف أيامها من الديمقراطية بكافة صورها وأشكالها، بينما نرى أصحابها اليوم – وكما تنسلخ الحية من جلدها – يعتبرون الديمقراطية المحرمة بالأمس فريضةً واجبةً اليوم يشنون في سبيلها كل مكيدة ومؤامرة ومكر!
وهكذا خطط التنظيم الإخواني الإماراتي ودبَّر المكائد والمؤامرات، ويقدِّر المولى سبحانه وتعالى بفضله وتوفيقه أن يفشل المخطط الإخواني الدنيء ضد دولة الإمارات والذي حيك في ظلمات السراديب السرية بأيادي الحقد والمكر وأن تظهر الحقائق وتنكشف الدسائس للعيان لتصبح تلك الألاعيب الماكرة وعلى مرأى الأشهاد فضائح إخوانية بجلاجل!
حمى الله سبحانه دولتنا من كل مكر، وحفظ ولاة أمرنا ومجتمعنا من كل سوء، وأخذ بأيدينا جميعا إلى ما فيه الخير والتوفيق والسعادة.

الوجه السياسي للتنظيم الإخواني الإماراتي فاعرفوه – حقائق دامغة

كان من خطة التنظيم الإخواني الإماراتي في عمليات التمويه والخداع التي مارسها وما يزال ادعاء أنه جماعة دعوية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأطماع سياسية ولا بأجندات خارجية، ونتيجة لهذا التلبيس ربما انطلت الحيلة على بعض من لم يسبر الحقائق فوجد صعوبة في تفهم الخطر والضرر الكامن وراء هذه الفئة.
وقد انكشفت حقائق كثيرة للعيان حتى رأينا بأنفسنا كيف أن أحد أدعياء الإصلاح – الذي لاذ بالهرب – أعلن صراحة في حركة مسرحية هزلية إنشاء حزب سياسي إماراتي طامع في الحكم وقلب النظام! وحاولت أبواق إعلامية للتنظيم آنذاك التنصل من ذلك، واعتباره اجتهادا شخصيا من صاحبه!
ومع كثرة الحقائق والبراهين والوقائع الناطقة بأن التنظيم الإخواني الإماراتي موغل في المراوغات والتلبيس وأن الواقع الصريح يشهد عليه شهادة قاطعة بأنه ليس سوى تنظيم سياسي يستهدف بلوغ السلطة، فإننا نستعرض هنا نموذجا من تلك النماذج الكثيرة التي تنضح بها أدبيات الفكر الإخواني الإماراتي فضلا عن مواقفه السافرة التي لا تعد ولا تحصى، فنقول:
كتب أحد قيادات الفكر الإخواني في الإمارات وهو محمد علي المنصوري مقالا بعنوان (رسالة إلى الإسلاميين) نشره موقع يزعم أنه موقع دراسات وأبحاث وهو إنما يروج لإخوانيين وسروريين.
يقول محمد المنصوري في هذا المقال:”نعتقد أن توجه الإسلاميين نحو تأسيس حزب سياسي، هو توجه سياسي محمود بامتياز، يدلل على فهم المرحلة ومتطلباتها، والاستعداد لها بالقوة والأمانة الشرعيتين”!
وهذا كلام صريح من المنصوري في تسويغ الأحزاب السياسية بل وتحبيذها واعتبارها توجها سياسيا محمودا بامتياز وتشجيع الإسلاميين على ذلك!!
فهل بعد هذا الكلام الصريح يُقال: إن دعوة الإصلاح ليس لها طموح سياسي ولا أطماع؟!
وهل يُقال بعد هذا: إن تنصلها من ذلك الحزب السياسي الذي أراد أحدهم أن يفرضه بالعنوة هو استنكار حقيقي أم تكتيك ودهاء وتوزيع أدوار؟!
يقول المنصوري:”وفي اطلاع موسع أجريناه على تجارب أحزاب سياسية عربية وإسلامية وأجنبية، وتجارب دعوات في عدد من الأقطار، خرجنا بعدد من التوصيات التالية، في سبيل تحديد العلاقة بين الحزب والدعوة”!
وهذا يكشف عن مدى توغل دعوة الإصلاح المزعومة في بطون السياسة والتنقيب في ثناياها والتفتيش في دهاليزها بما يكشف لنا عن حقيقة واضحة وهي أن هذه الدعوة المزعومة ليست سوى دعوة ذات أجندات سياسية تعمل بها ولها!
يقول المنصوري في بيان العلاقة بين الحزب والدعوة:”يمكن أن تكون هناك إدارة عليا للحزب والحركة، دون أن تطغى الحركة على الحزب أو العكس، مع احتفاظ كل من الحزب والحركة بإدارته المستقلة ماليا وتنظيميا”.
هكذا يحبِّذ محمد المنصوري توزيع الأدوار في التنظيم الإخواني وتقسيمها إلى كيانين متوازيين يعملان تحت قيادة إخوانية واحدة وهما: الحزب السياسي والتنظيم الحركي.
ولذلك نجد أن المنصوري يختم مقاله بقوله:”بكلمة مكثفة: للحزب رعاية أمر الدنيا وشؤونها، وللدعوة رعاية أمور الآخرة وشؤونها، وبذلك تجمعون العمل السياسي والديني معا في جناحين يحلقان معا في آن واحد، بشكل متزامن ومتواز، وهذا العمل هو حقيقة الاستخلاف والعمارة في الأرض”!
فحقيقة الاستخلاف والعمارة في الأرض في نظر دعاة الإصلاح هي في الوصول إلى السلطة وتوزيع الأدوار في التنظيم الإخواني إلى حزب سياسي يحقق الهدف المنشود وتنظيم حركي مؤازر ومناصر يستقطب ويجند.
فهل بعد هذا كله يقول منصف: إن دعوة الإصلاح لا علاقة لها بتحزب سياسي ولا بأطماع سياسية ولا بسعي نحو سلطة؟!
وإذا كان الحزب السياسي في نظر هؤلاء الإخوانيين يعتبر جزءا رئيسيا من مشروع الاستخلاف والعمارة في الأرض فهل يتصور بعد هذا تغاضي هؤلاء عن السعي لتحقيق هذا الجزء الرئيسي المنشود؟!
إن سعي دعاة الإصلاح إلى بلوغ أطماع سياسية والوصول إلى السلطة حقيقة أوضح من ضوء النهار!
يقول المنصوري في مقاله عند كلامه على متطلبات مرحلة الحزب:”توعية أنصار الحركة بالفروق والاختلافات بين مرحلة الدعوة وبين مرحلة الحزب، والتهيئة والإعداد لهذا الاختلاف، وتثقيفهم وتدريبهم على هذه النقلة، كما يتطلب ذلك الفصل الشعوري التام بين مرحلة الدعوة ومرحلة الحزب ومتطلبات كل منهما وأدواته واستحقاقاته”.
إذن فلا بد في نظر المنصوري من توعية أنصار التنظيم الإخواني بمتطلبات العمل الحزبي السياسي وتثقفيهم وتدريبهم على ذلك، كما لا بد من فصل شعوري تام في نفوس الأنصار بين الذراع الحركي والذراع السياسي بحيث يقوم كل فرد في ذراع بالتركيز على الجانب الذي هو فيه، مما يعني وجود أفراد إخوانيين في ثوب سياسي محض يعمل للوصول إلى سدة الحكم وآخرين في ثوب تنظيمي حركي يؤدلج وينظِّر ويستقطب!
ولم يأت المنصوري بهذا الكلام في الحقيقة من عنده، بل استقاه من فكر حسن البنا نفسه الذي طبق هذا الأمر تماما مع الذراع الحركي لتنظيمه والمسمى بـ (التنظيم السري) والذراع العسكري المسمى بـ (النظام الخاص)، حيث فصل بين التنظيم السري الحركي والنظام العسكري الخاص وجمعهما تحت قيادته العامة، مما أفرز عن وجود الجناح العسكري للتنظيم وبروز إخوانيين في ثوب عسكري محض لا مهمة له إلا استخدام السلاح وتلقي الأوامر العسكرية من القيادة الإخوانية وتنفيذ الاغتيالات والعمليات الإرهابية لتحقيق مصالح الإخوان.
يقول محمد المنصوري:”في الاستقطاب، إذا كانت الدعوة تركز على الانتقائية، فإن الحزب لا يعينه ذلك، فالمسلم والقبطي والعامل والتاجر والموظف، والرجل والمرأة كلهم أعضاء مستهدفون للانضمام للحزب”!
فالتنظيم الحركي للإخوان لا بد فيه في نظر المنصوري من الاستقطاب المرتكز على الانتقائية، وهو ما يقوم به التنظيم الإخواني من عمليات تجنيد واستقطاب لاستخلاص العناصر الموالية، أما الحزب السياسي فلا بد أن يقوم على التجميع والتكتيل من كل صنف ونوع لكسب أكبر قدر من الأصوات وصولا للاستحواذ على السلطة.
يقول المنصوري:”الحزب مطالب إما بصياغة برنامج سياسي تطبيقي شامل، أو إعادة صياغة التراث السياسي للحركة، ولكن بصورة ومفردات وأدوات ووسائل مغايرة”.
وهذا يؤكد لنا مرة أخرى على أن التنظيم الإخواني عموما متشبع بالأطماع السياسية وغارق فيها حتى النخاع وأنه يسعى إلى تفجير المجتمعات بأحزاب سياسية إخوانية تسعى على أرض الواقع بكل طريق للاستحواذ على السلطة.
يقول المنصوري:”التركيز على إبراز الجانب المدني للحزب، والتقليل من الشعارات الدينية ولا سيما التي ارتبطت بشعارات الحركة في مراحل سابقة”.
وهذا ما قام به غير واحد من أفراد التنظيم الإخواني الإماراتي تماما في الفترة الأخيرة من توظيف مصطلحات من قبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والمشاركة السياسية وغيرها والابتعاد عن الشعارات الدينية قدر المستطاع، ومن هؤلاء محمد المنصوري نفسه! حيث يحاول التنظيم الإخواني الإماراتي أن يلعب بكل مكر ودهاء وطرق ملتوية بائسة دور الحزب السياسي المعارض!!
ويقول المنصوري:”من متطلبات العمل السياسي الناجح، حسبما نعتقد، وبما يتفق مع وظائف الأحزاب، أن يعلن الحزب بلا تردد وبلا تواضع أن هدفه الوصول السلمي للسلطة، وتداول السلطة ديمقراطيا”!
ماذا نريد أكثر من هذا؟!!
ماذا نريد أكثر لنوقن أن التنظيم الإخواني الإماراتي ليس سوى تنظيم سياسي هدفه الأول والأساس هو الوصول إلى السلطة؟!
ألم يعتبر المنصوري وجود حزب سياسي جزءا رئيسيا للحركة الإسلامية في مشروع الاستخلاف في الأرض؟!!
ألم يعتبر مجاهرة هذا الحزب السياسي بكون هدفه هو الوصول إلى السلطة من متطلبات العمل السياسي الناجح؟!!
فماذا بقي بعد هذا؟!
يقول المنصوري:”الحزب لا يقدم خطابا مؤدلجا تماما، إن مدخل حقوق الإنسان وحرياته يعتبر حلا توفيقيا لمعضلة الخطاب المؤدلج أو المؤسلم لمن لا يروق لهم هذا الخطاب داخليا وخارجيا”.
وهذا ما فعله غير واحد من أفراد التنظيم الإخواني الإماراتي كما سبق وهو الاستقواء بهذا النوع من الخطاب كعمل تكتيكي ماكر!
يقول المنصوري:”تجنب الحديث عن دولة إسلامية أو خلافة أو أي مصطلح تاريخي من جانب الحزب. وللدعوة أن تقول في هذا الجانب ما تشاء”!
إذن فلا بد في نظر المنصوري من توزيع الأدوار بين الذراع الحركي والسياسي للتنظيم الإخواني، فيقوم الأول بتوظيف مصطلحات كدولة إسلامية أو خلافة أو غيرها لإيجاد مبررات أو دوافع، ويقوم الثاني بالتسويق السياسي ضمن مصطلحات من قبيل حقوق الإنسان وغيره.
يقول المنصوري:”كما يتوجب الاهتمام بالتسويق السياسي لبرامج الحزب وأفكاره ومنجزاته”.
إذن فلا حركة إسلامية ناجحة في عملية الاستخلاف وعمارة الأرض إلا بحزب سياسي، ولا حزب سياسي إلا بإعلان المطالبة بالسلطة، ولا وصول إلى السلطة إلا بتسويق!! وهذا كله نتيجة بديهية للفكر الإخواني القائم من الأساس على هدف واحد وهو بلوغ السلطة.
يقول المنصوري:”إقامة علاقات طيبة بين الحزب ومختلف أحزاب المنطقة وأحزاب عالمية مع كل حزب يتصور إفادته للحزب”!
وهذا تكريس لمبدأ التحالفات الإخوانية مع الأحزاب والتنظيمات والمنظمات للوصول إلى الأهداف والغايات، وهذا ما فعله التنظيم الإخواني الإماراتي في عمليات الاستعداء والتحريض والمؤامرات البائسة ضد الدولة.
ثم لننظر إلى بعض أساليب التسويق السياسي في نظر محمد المنصوري!
يقول المنصوري:”أعطوا اهتماما واضحا للسينما والمسرح والدراما وكل فنون الإعلام والإنتاج الفني. لا تضعوا قيودا على أي إنتاج لأي سبب كان”!
ويقول:”أن يشارك الحزب في مشاريع تنشيط السياحة، بلا تحفظ، وبدون قوائم للمحظورات. والدعوة ترعى جانب الحث على الأخلاق الحميدة والتحذير من الآفات والآثار الجانبية لها”!
ويقول:”استيعاب المرأة. إن هذا الجانب، يعتبر أهم ما يجب أن يهتم فيه الحزب. والمطلوب استيعاب المرأة بلا تحفظ وبلا استثناءات أو شروط”!
أرأيتم مثل هذه السياسة الإخوانية العجيبة الغريبة في سبيل الوصول إلى السلطة والحكم! فكل شيء سائغ ومباح سياسيا في سبيل الوصول إلى الحكم، فالحزب السياسي الإخواني لا بد أن يقوم في نظر المنصوري بفتح الأبواب كلها سياحيا وسينمائيا ونسائيا وغير ذلك على مصاريعها وبلا أدنى تحفظ ولا أي استثناء ولا أي شرط ولا أي قيد ولا أي حظر ولا اعتبار لأي سبب كائنا ما كان، ثم تأتي الحركة لترقع هنا وترقع هناك!!
بالله عليكم أقرأتم عن سياسة نفعية وميكيافيلية أشد من هذا؟!!
والعجب أنه بعد هذا كله يأتي التنظيم ويرفع تلبيسا وتدليسا شعار (إن الحكم إلا لله)!!
ألا يستحي هؤلاء من مثل هذه التناقضات الازدواجيات والكذب على عباد الله؟!
ولكن لا يُستغرب هذا حينما نعلم أنه في سبيل الوصول إلى الحكم يهون كل شيء في نظر التنظيم الإخواني! كل شيء!
هذا بعض ما تضمنه مقال محمد المنصوري من مصائب وعجائب، وقد تركنا أشياء منعا للإطالة، كما تضمن المقال أيضا تمجيدا للثورات التي قامت في بعض البلدان والإشادة بها واعتبارها نقطة ميلاد تجديدي للحركة الإسلامية والإشادة بالقيادات الإخوانية وبناء الأمل عليها.
وأخيرا نقول: ماذا بقي لنوقن بأن التنظيم الإخواني الإماراتي ليس سوى تنظيم سياسي هدفه شيء واحد فقط، وهو الوصول إلى السلطة؟!
إننا لم نتحدث إلا بلغة واحدة، وهي لغة الحقائق فقط …
والحقائق تنطق بما سبق …
وبكل وضوح!
فمتى يستفيق المغرَّر به ويعرف الحقيقة؟!
متى؟!

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثالثة

ما نزال نستعرض ما تضمنه كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) أحد مطبوعات جمعية الإصلاح من محاولة إغراق المجتمع وبالخصوص فئة الشباب بالأفكار الإخوانية الحركية والأجندات الثورية والمتطرفة تحت مسمى الثقافة.
فمن الكتب التي روجت لها جمعية الإصلاح في الكتيب المذكور وجعلتها في مصاف الكتب النافعة بزعمها لشباب الإسلام كتب فتحي يكن أحد قادة التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي ملأ مؤلفاته بالتنظير للفكر الإخواني والترويج له ودعم الحركات المتطرفة.
تقول الجمعية في الكتيب:”وبحوث الأستاذ فتحي يكن في الفكر وفي فقه الدعوة هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام، ابتداء بكتابه (الإسلام فكرة وحركة)، وانتهاء بكتابه (ماذا يعني انتمائي للإسلام) وهي ذات سمت تربوي مؤثر، وأحدثها (الشباب والتغيير)”.
وهنا سيتبادر سؤال وهو: ماذا تضمنت هذه الكتب لتكون من منظور جمعية الإصلاح في مصاف الكتب الثقافية التي ينبغي اقتناؤها؟
وما هو السر الكبير الذي جعل جمعية الإصلاح تعتبر كتب فتحي يكن من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟
ربما يقول أحد: لا بد أن تكون هذه الكتب على مستوى ثقافي رفيع لتحظى بهذا الثناء البالغ والإطراء الكبير من قبل جمعية الإصلاح.
وربما يقول آخر: لا بد وأن تتضمن هذه الكتب على العلوم البديعة التي تزود الشباب بما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم ليصدق فيها أنها من أنفع الكتب لشباب الإسلام.
والواقع أن الأمر وللأسف الشديد لم يكن كذلك على الإطلاق، بل كان شيئا مختلفا تماما وإلى أبعد حد.
ولك أن تتساءل: ماذا تعني؟!
فأقول: إن هذه الكتب لم تكن إلا مصيدة سوداء لاستقطاب الشباب إلى مهاوي الفكر الإخواني والأطروحات الإرهابية المتطرفة عموما.
ولن نذهب بك أيها القارئ بعيدا، فمع كثرة مؤلفات فتحي يكن وما تضمنته من التنظير الصريح للفكر الإخواني وأجنداته فإننا سنكتفي هنا فقط بما تضمنه الكتاب الأول الذي روجت له جمعية الإصلاح وهو كتاب (الإسلام فكرة وحركة وانقلاب)، وذلك لئلا نطيل على القارئ الكريم من جهة، ولأن ما تضمنه هذا الكتاب من المصائب الفكرية كاف في كشف طبيعة كتب فتحي يكن التي يروج لها جمعية الإصلاح والتنظيم الإخواني الإماراتي لنعلم جيدا حجم المؤامرة الإخوانية على شباب الأمة وعلى المجتمع عموما.
فنقول: تضمن هذا الكتاب الذي تعتبره جمعية الإصلاح من أنفع الكتب لشباب الإسلام قضايا خطيرة وبلايا مستطيرة نلخصها كما يأتي:

القضية الأولى: الموقف من الحكومات المسلمة والشعوب الإسلامية، حيث كان موقف الكاتب كالآتي:

1- عدم الاعتراف بالحكومات المسلمة القائمة اليوم.
يقول فتحي يكن عند كلامه على العامل الأول من عوامل نشوء الشبهات:”غيبة الوجود الحركي للإسلام عن قيادة الأمة فترة طويلة من الزمن، مما أدى إلى تطاول خصومه في نجوة من وجود حكومة إسلامية تدافع دونه وترد عنه شائعات الحاقدين”.
ويقول أيضا:”لقد تسبب غياب الوجود الحكومي للإسلام فترة من الزمن نشوء كثير من الشبهات ما كانت لتنشأ لو كان له دولة تحمله وتحميه وتنافح عنه خصومه وتجسد مبادئه وتكون صورة حية لقيمه ومثله”.
هكذا يكرس فتحي يكن للفكر الإخواني المعادي للحكومات المسلمة متمثلا في نزع الشرعية والأهلية منها بدعوى أن الحكم الإسلامي انتقض بسقوط الدولة العثمانية.
وبناء على هذا يصرح فتحي يكن بأن التنظيم الإخواني لا يعترف بالحدود الجغرافية للبلدان الإسلامية فيقول:”فالحركة الإسلامية لا تعترف بالحدود الجغرافية المصطنعة ولا بالفوارق الجنسية، وتعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة، كما تعتبر الوطن الإسلامي وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت دياره”.
وهذا الكلام تضمن حقا وباطلا كعادة الإخوان المسلمين في الخلط بين الحق والباطل، فأما كون المسلمين أمة واحدة تجمعهم وشائج الدين والعقيدة فهذا حق لا يشك فيه أحد، ولكن لا يعني هذا من قريب أو بعيد الاعتداء على حقوق الجوار وعدم الاعتراف بالحكومات المسلمة وكسر حدودها والتدخل في شؤونها واستباحة أرضها وأهلها وخيراتها، فهذا أمر آخر تماما، كما لا يعني هذا أيضا عدم الطموح إلى وحدة عربية وإسلامية شاملة تجتمع بها كلمة المسلمين وتتحد صفهم، وقد كانت الوحدة العربية والإسلامية الحلم الكبير لمؤسس دولتنا زايد الخير والوحدة والوئام رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فقد كان رجل وحدة واجتماع يتطلع إلى آفاق بعيدة من الأمل والسمو والإشراق، وحينئذ فلا تعارض بين هذه الأمور كلها بوجه من الوجوه، ولكن الإخوان المسلمين كعادتهم يمارسون سياستهم المشينة في الخلط بين الأمور والتلبيس والتغرير للترويج لأجنداتهم الحزبية وأطماعهم السياسية.
2- النظرة السوداوية تجاه المسلمين والتشكيك في إسلامهم.
يقول فتحي يكن:”أصبح الإسلام بأفكاره وأخلاقه ومبادئه في واد وأصبح المسلمون المنتسبون إليه في واد آخر لا يمت إليه بصلة من الصلات على الإطلاق”!
ويقول أيضا:”لقد هان الإسلام على الناس إلى درجة أنهم أصبحوا في شك من كل ما يتصف بالإسلام أو يحمل اسمه، وهذا ما جهد للوصول إليه أعداء الله منذ زمن بعيد”.
ويقول أيضا وهو يرمي جمهور المسلمين بالأفكار العلمانية:”ظل الاعتقاد السائد لدى جمهور المسلمين أن الإسلام دين تعبدي لا علاقة له في شؤون الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى قيام الحركة الإسلامية (يقصد الإخوان المسلمين) وظهور الوعي الإسلامي في العصر الحديث، فالعالم الإسلامي بسببٍ من تأثره بالحضارة الغربية ولوثاتها الجانحة اعتبر خروج أوروبا والعالم الغربي على الكنيسة وحدّه من نفوذها السياسي بل وفصله السلطة الاكليرية عن السلطة الزمنية منوالا ينبغي النسج عليه، وقاعدة عامة يجب الصدور عنه في فصل الدين كل دين عن الدولة، وجعل ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وبسببٍ من جهل المسلمين كذلك بخصائص دينهم وآفاق شريعتهم وبانتقال القيادة الفكرية والسياسية منهم إلى غيرهم وبانتقاض الحكم الإسلامي في العهد العثماني والذي كان على علاته ومساوئه مظهرا للحاكمية الإسلامية والوجود السياسي للإسلام، بأسباب من هذه وغيرها أصبح تصور المسلمين وفهمهم للإسلام لا يتفق وجوهر هذا الدين وحقيقته في شيء”.
هذه هي نظرة فتحي يكن للمسلمين قبل ظهور التنظيم الإخواني حيث إنهم كانوا عنده في وادٍ لا يمت إلى الإسلام بصلة من الصلات على الإطلاق، وهان عليهم الإسلام إلى درجة أنهم أصبحوا في شك من كل ما يتصف بالإسلام أو يحمل اسمه، والاعتقاد السائد لدى جمهورهم أن الإسلام دين تعبدي لا علاقة له في شؤون الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية!
فماذا سيجني الشباب المغرَّر بهم حينما يقرؤون مثل هذا الكتاب الذين يقوم على الطعن في الحكومات المسلمة وعدم الاعتراف بها وعلى الطعن في المسلمين إلى درجة تقارب وصفهم بالكفر على طريقة سيد قطب؟! وقد نقل فتحي يكن من كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب في مواضع عدة من كتابه، ذلك الكتاب الذي صرح فيه سيد قطب بتكفير المجتمعات الإسلامية كلها عن بكرة أبيها!

القضية الثانية: الترويج للتنظيمات الحركية والانحراف في الدعوة إلى الله عما شرع والغلو في مسائل الحاكمية والإمامة، حيث تضمن الكتاب الآتي:

1- الادعاء بأنه لا عمل دعوي إلا بتنظيم حركي حزبي.
يقول فتحي يكن:”إن المراقب لما يجري في نطاق العمل الإسلامي يلاحظ أن مآل الجهود الفردية الغير مرتبطة بتنظيم حركي كالتي يبذلها الوعاظ والمرشدون والخطباء والموجهون مآلها إلى الضياع والهدر برغم كثرتها، ذلك أن التنظيم الحركي من شأنه أن يستوعب الطاقات الفردية ويوجهها ويختزن القوى المتفرقة وينميها، لتصبح على الزمن تيارا قويا هادرا له أثره ومفعوله في عملية الهدم والبناء”!
وهذا الكلام مردود من وجوه عدة، منها: أنه قائم على أصول فاسدة وتقييم باطل منها عدم الاعتراف بالحكومات المسلمة ونزع الشرعية منها وعلى إحلال التنظيمات الحركية الحزبية محلها ولاءً وانقيادا، وما بُني على باطل فهو باطل، ومنها: أنه قائم على تحليل فاسد، فالتنظيمات الحركية لم تثمر إلا الضياع وإغراق الشباب فيما لا ينفعهم في دين ولا دنيا، ومنها: أنه قائم على بخس جهود العلماء الصادقين والانتقاص من الأئمة الراسخين الذين أثمرت جهودهم في الدعوة والتعليم والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن إصلاح كبير وخير عميم ونفع بالغ للأمة لم تبلغ التنظيمات الحركية عشر معشارها، ومنها أنه: طريق إلى تفريق المسلمين وتمزيقهم إلى تنظيمات حركية وتيارات حزبية، ومنها: أنه قائم على تقسيم ناقص مخل وهو حصر الأمر في الجهد فردي والتنظيم الحركي، وتجاهل أن هناك التعاون الشرعي على البر والتقوى، والتعاون الشرعي لا علاقة له بالتنظيمات الحركية، ومنها: أنه قائم على الإلزام بما ليس بلازم، فليس من لوازم الدعوة إلى الله في شيء الانضمام إلى تنظيم حركي أو تيار حزبي، بل الإطار الجامع للجهود الفردية والتعاونية والمؤسسية في مصالح الدين والدنيا هو مظلة ولي الأمر، إلى آخر ما هنالك من وجوه بطلان الكلام المذكور أعلاه.
وقد حاول فتحي يكن الترويج لفكرة التنظيم الحركي في عدة مواضع من كتابه حتى وصل به الغلو والمبالغة إلى أن جعل التنظيم فريضة لازمة وضرورة حتمية وأنه لا صلاح ولا فلاح ولا نجاح إلا بتنظيم حركي! وساق في ذلك عدة مبررات أوهى من بيت العنكبوت قائمة على الفكر الإخواني الخاوي.
منها: ادعاء عدم وجود حكومي للإسلام وأن الواجب حينئذ اتخاذ التنظيم الحركي كوسيلة للوصول إلى الحكم الإسلامي المزعوم.
يقول فتحي يكن:”غياب الوجود الحكومي للإسلام يؤكد كذلك على ضرورة قيام تنظيم حركي يكون من مبررات وجوده تحضير كافة المستلزمات التي يتطلبها قيام الحكم الإسلامي”.
وهذا تشخيص جائر وتخطيط فاسد، تشخيص مبني على نزع الشرعية من الحكومات المسلمة ومن ثم إيجاب تكوين تنظيم حركي يحل محلها ولاءً وانقيادا، وتخطيط فاسد مبني على إدارة التنظيم الحركي للوصول إلى أنظمة الحكم واستخلاص السلطة منها.
وهكذا روج فتحي يكن في كتابه المذكور للتنظيمات الحركية الحزبية وساق مبررات خاوية على عروشها لشرعنتها وتحبيذها بل وفرضها وإيجابها.
ولنا أن نتساءل حينئذ: ماذا سيكون حال الشباب حينما يقرؤون مثل هذه الكتب التي توجب عليهم الانخراط في تنظيمات حركية؟!
ماذا سيكون حالهم حينما يُروَّج لهم ذلك باسم نصرة الإسلام والعمل على قيام دولته؟!
ولنا أن نتساءل أيضا: ما الذي تهدف إليه جمعية الإصلاح والتنظيم الإخواني الإماراتي من الترويج لمثل هذا الكتاب ونظائره؟!!
ما الذي تهدف إليه حينما تجعل هذه الكتب الثورية هي من أوليات الكتب المقدمة للشباب؟!
ما المغزى من ادعاء أن هذه الكتب هي من أنفع الكتب للشباب المسلم؟!
إن الهدف واضح وهو تجنيد الشباب لصالح التنظيم الحركي الإخواني والأفكار الثورية، والكتاب من أوله إلى آخره قائم على هذا الهدف، وبالتدرجات الآتية:
أ- ادعاء غياب الوجود الحكومي للإسلام وسلب الشرعية من الحكومات المسلمة القائمة.
ب- إيجاب الانخراط في تنظيم حركي يسعى بزعمهم لإقامة الخلافة الغائبة.
ج- ادعاء أن هذا التنظيم الحركي هو تنظيم الإخوان المسلمين.
وبهذه الخطوات الثلاث الماكرة يتم رمي الشباب في أتون الفكر الإخواني وتكبيلهم بأغلال الولاء الحركي والانقياد الحزبي.
وحينئذ أيسوغ بعد هذا كله أن تحاول جمعية الإصلاح استغفال العقول وتدعي أنها لا علاقة لها بالإخوان ولا علاقة للإخوان بها؟!
أيسوغ بعد هذا كله أن تدعي جمعية الإصلاح أنه لا علاقة لها بتنظيم حركي ولا بقيادة حزبية ولا بسعي نحو سلطة؟!
إننا لم نسق هنا إلا الحقائق والحقائق فقط، وحينئذ فأنى للألاعيب الإخوانية الماكرة أن تدفع الحقائق الدامغة؟!
وأنى للانتهازية والكذب والمكر والخداع والتغرير والتلبيس أن يكون يوما من الأيام عند أصحاب الإنصاف ميزانا على الحقائق والدلائل؟!
وما هو المعيار في الكشف والبيان إن لم تكن الحقيقة هي المعيار؟!
2- الغلو في الحاكمية على طريقة سيد قطب.
يقول فتحي يكن:”خرجت الحركة الإسلامية من دراستها للواقع ومشكلاته بتصور عميق حددت على ضوئه العامل الأساسي في إشقائه وإفساده، ذلكم هو الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية، فالواقع الإنساني أسند الحاكمية إلى البشر، وجعل بعضهم أرباب بعض” وأحال في الهامش على كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب!
إن هذا الغلو في مسألة الحكم والإمامة واعتبارها أصل الأصول وأخص الخصائص أودى بفرق كثيرة إلى متاهات فكرية عصيبة وإلى التكفير والجرأة على المسلمين واستحلال دمائهم وتفريق كلمتهم، وهو خلاف منهج القرآن وطريقة الأنبياء والمرسلين الذين جاؤوا لهداية البشر ودعوتهم إلى عبادة الله وإخلاص الدين له، وهو خلاف ما عليه علماء الأمة الذين اعتبروا الإمامة إحدى الواجبات وليس أصل الأصول ولا أخص الخصائص كما يدعي فتحي يكن وسيد قطب والتنظيم الإخواني وأمروا بالسمع والطاعة لولاة الأمر والإقرار بإمامتهم لا كما يركن إليه فتحي يكن من نزع الولاية من حكام المسلمين والتحريض عليهم.
ولذلك نجد أن فتحي يكن يرتِّب على كلامه السابق النتيجة الآتية:”بينت الحركة الإسلامية أن مهمتها الأولى هي تغيير هذا الواقع من أساسه، وأكدت أنها لن تصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي أو تدين له بالولاء، وأن وظيفتها الأولى هي إحلال التصورات الإسلامية والتقاليد الإسلامية مكان هذه الجاهلية، وأن هذا لن يتحقق بمجاراة الجاهلية والسير معها خطوات في الطريق، وإنما بالتمايز عنها والانقلاب عليها”.
وهذه ثمرة من ثمرات الغلو في الحاكمية والإمامة، وهي اعتبار المجتمع المسلم مجتمعا جاهليا لا ينبغي التصالح معه ولا الولاء له بل لا بد من التمايز عنه ضمن ما سماه سيد قطب بالعزلة الشعورية والانقلاب عليه وصولا بالتنظيم الحركي إلى مركز القرار والسلطة لإحلال التصورات الإسلامية المزعومة من هناك.
وحينئذ أتستقيم دعوى التنظيم الإخواني الإماراتي بأنه على وئام مع مجتمعه وولاء لقيادته؟!
إن هذه الدعوى لا محل لها في الحقيقة من الفكر الإخواني في شيء، ذلك الفكر الذي يرى المجتمعات الإسلامية مجتمعات جاهلية بحكوماتها وشعوبها، وأنه لا ولاء ولا تصالح معها على الإطلاق، وأنه بل لا بد من التمايز عنها وبذل الولاء الخالص للتنظيم الحركي، ودفعه في خطوات انقلابية تجعل الحكم والسلطة رأس الأولويات وغاية الغايات.
هذا هو الفكر الإخواني، وهذه كتب الإخوان تشهد بذلك، وهذا كتاب فتحي يكن الذي روجت له جمعية الإصلاح وجعلته في الصدارة تشهد بذلك.
3- تكريس السعي نحو السلطة والاستحواذ على الحكم.
يقول فتحي يكن:”ينبغي أن يكون في مضمون خطة الانقلاب الإسلامي حرص الحركة الإسلامية على أن تتولى هي بنفسها تحقيق منهجها في الحكم الإسلامي، وليس من الإخلاص والتجرد في شيء كما يتصور البعض زهدها في تولي الحكم”!
وحينئذ فكيف يستقيم دعوى التنظيم الإخواني الإماراتي بأنه لا يسعى لحكم ولا يريد سلطة؟!!
إن الفكر الإخواني الثوري مكشوف ولكن التنظيم الإخواني الإماراتي يمارس سياسة الاستغفال والتلاعب والتلبيس.

القضية الثالثة: الترويج الصريح لتنظيم الإخوان المسلمين، وذلك كالآتي:

1- تمجيد حسن البنا زعيم التنظيم الإخواني.
يقول فتحي يكن:”وفي مطلع القرن العشرين كانت مصر بل العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه مع مجدد جليل من مجددي الدعوة الإسلامية وباعثي حركتها ذلك هو الإمام حسن البنا نضر الله وجهه”!
2- تمجيد تنظيم الإخوان المسلمين.
يقول فتحي يكن:”لقد تميزت حركته (أي: حركة حسن البنا) بوضوح الغاية وشمول الفكرة، كما تميزت بالواقعية والتخطيط، لقد جمعت بين العمق الفكري والتكوين الخلقي والعمل السياسي، ولم يكن انطلاقها عفويا عاطفيا، وإنما كان انطلاقا مدروسا يبدأ بالتحليل والتشخيص وينتهي بالعمل والتنفيذ”!
وكل هذا الإطراء لا يغني عن الحق شيئا، فغاية التنظيم – كما صرح به فتحي يكن نفسه – هي الوصول إلى الحكم، وواقعيته المزعومة هي سلب الشرعية من الحكومات والطعن في المسلمين، وتخطيطه هو السرية والحزبية وتجنيد الآخرين وتكبيلهم بالولاءات والبيعات واستخدامهم للأغراض الإخوانية، وعمقه الفكري هو تحريف الدين والميل عن سواء السبيل في الدعوة إلى الله ومسائل الحكم والإمامة، وتكوينه الخلقي هو الانتهازية والديكتاتورية والتلبيس والتغرير والكذب والخداع والمراوغة، وعمله السياسي هو اللهث وراء السلطة والاستحواذ عليه، وأما التحليل فلا تحليل إلا من وراء منظار إخواني، وأما التشخيص فلا تشخيص إلا على وفق مصالح التنظيم، وأما العمل والتنفيذ فهو من مقتضيات المرحلة الثالثة من مراحل الإخوان المسلمين وهي استخلاص الحكم من أيدي الأنظمة بكل طريق متاح ولو باستعمال القوة إذا سنحت الفرصة!
والكتاب كله قائم على تمجيد الفكر الإخواني والتنظير له وذكر مراحله ووسائله وغاياته.
3- الترويج لمؤلفات الإخوان المسلمين.
يقول فتحي يكن:”ومن قبيل الإنصاف القول بأن الحركة الإسلامية الحديثة (يعني بها حركة الإخوان المسلمين) ملأت المكتبة الإسلامية بشتى الموضوعات والمؤلفات والكتابات، وقدمت للبشرية تراثا فكريا فريدا، وإن شئتم بيانا فهاكم طائفة من الكتب والمؤلفات التي حفل بها تراث الحركة الإسلامية الضخم”.
وملأ هذا البيان بمؤلفات حسن البنا وسيد قطب ومحمد قطب وعبد القادر عودة ويوسف القرضاوي وغيرهم من رموز الإخوان المسلمين ومنظريهم.
4- التنظير للعمل الحركي الإخواني.
يقول فتحي يكن:”رسمت الحركة الإسلامية (يعني الإخوان المسلمين) خط سيرها وقسَّمته إلى ثلاث مراحل:
أ- مرحلة التعريف والتوعية: بنشر الفكرة وجلاء حقيقتها وبيان أهدافها ودعوة الناس إليها.
ب- مرحلة الإعداد والتكوين: باستخلاص العناصر الصالحة لحمل الأعباء وتكوينها وإعدادها لتكون في مستوى المسؤوليات التي تنتظرها.
ج- مرحلة التنفيذ: بتغيير الواقع القائم وتحقيق الواقع المنشود وفق خطة مرسومة”.
وهذه المراحل الثلاث هي مراحل حركة الإخوان المسلمين، فمرحة التعريف هي مرحلة الدعاية للتنظيم والترويج له، ومرحلة التكوين هي مرحلة التجنيد والاستقطاب وبناء العناصر الداخلية للتنظيم، ومرحلة التنفيذ هي مرحلة العمل الجهادي المزعوم لاستخلاص السلطة من أيادي الأنظمة الحاكمة، كما صرح بذلك حسن البنا نفسه في رسائله وكما صرح به فتحي يكن والإخوان المسلمون عموما.
5- الإرهاب الفكري بادعاء أن من يقف ضد التنظيم الإخواني فهو يقف ضد الإسلام وفي صف أعدائه.
يقول فتحي يكن:”وأخيرا فليعلم المسلمون في شتى ديارهم وأقطارهم أن الحرب على الحركة الإسلامية هي في حقيقتها حرب على الإسلام نفسه”!
إلى أن يقول:”ومن هنا يتحتم على المسلمين كل المسلمين تحديد موقفهم من هذا الصراع، فإن لم يكونوا في صف الإسلام فقد وقفوا في صف أعدائه”!
وهذا الإرهاب الفكري ليس بغريب على التنظيم الإخواني فإنه عاهة فكرية متأصلة عندهم، وقد ملأ حسن البنا رسائله بذلك حتى وصف جماعته بأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله للعالمين!
يقول حسن البنا لأتباعه:”نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين، أيها الإخوان المسلمون: هذه منزلتكم, فلا تصغروا في أنفسكم …”!!
فماذا ننتظر من تنظيم يدعي مثل هذه الادعاءات ويمارس هذا الاستعلاء العجيب؟!
6- استعرض الكتاب تاريخ التنظيم الإخواني في دول عدة في مصر والعراق وسوريا وغيرها وحاول أن يبرزه على أنه تاريخ مليء بالإنجازات والتضحيات والبذل!

القضية الرابعة: دعم الحركات والأفكار الثورية ومنها حركات شيعية إيرانية إرهابية.

يقول فتحي يكن:”وفي إيران قامت الحركة الإسلامية وسط الحركات العديدة التي كانت تتجاذب هذا البلد إلى اليمين وإلى اليسار، فكان عليها واجب الوقوف بإيران على الحياد وربطها بالعالم الإسلامي ومكافحة الاستعمار وعملائه، وقد قيض الله للحركة حينئذ شابا متوقد الإيمان والحماس يبلغ من العمر تسعة وعشرين عاما درس في مدينة النجف بالعراق ثم عاد إلى إيران ليقود حركة الجهاد ضد الخونة والمستعمرين، أسس نواب صفوي حركة فدائيان إسلام التي تؤمن بأن القوة والإعداد هي السبيل الوحيد لتطهير أرض الإسلام من الصهيونية والمستعمرين”.
إلى أن يقول:”فكان أن شرفه الله بالشهادة مع نفر من إخوانه، وسقط نواب صفوي برصاص الخونة والعملاء صباح يوم الأربعاء الواقع في الخامس من جمادى الثانية 1370 الموافق 18 من كانون الثاني 1956، واليوم وبعد أن اعترفت إيران بإسرائيل عدوة للإسلام والمسلمين لا بد للعرب أن يتلمسوا في إيران نواب وإخوان نواب”.
إن مثل هذه الإشادة البالغة من قبل فتحي يكن بنواب صفوي الشيعي الإيراني المتطرف وتنظيمه الإرهابي دليل واضح على ما ينضح به الفكر الإخواني من دعم الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية المتطرفة؛ استنادا إلى أن القوة لا بد من وجودها كجزء من استراتيجية الجماعة الإخوانية.
ولذلك نجد فتحي يكن يستعرض في كتابه (نحو حركة إسلامية عالمية واحدة) تجارب بعض الحركات والتنظيمات فيقول:”التجربة الثانية: طريق القوة أو الثورة المسلحة، ولقد قامت في العصر الحديث محاولات عدة في نطاق العمل للإسلام اتسمت بطابع الثورة وتوسلت القوة أساسا لمواجهة التحديات واستئناف الحياة الإسلامية”.
إلى أن يقول:”ومنها تجربة الشهيد نواب صفوي زعيم حركة فدائيان المسلمين في إيران التي تؤمن بأن القوة والإعداد هي السبيل الوحيد لتطهير أرض الإسلام من الصهيونية والمستعمرين وإقامة حكم الإسلام”.
إلى أن يقول:”وليس من شأننا هنا أن نناقش بالتفصيل الأسلوب الذي اعتمدته هذه الحركات في مواجهة خصومها، غير أننا نود أن نشير إلى أن منطق العصر ومنطق المواجهة ومنطق الإسلام وإن كان يحتم امتلاك القوة وأسبابها، ولكن بشرط أن يتحقق التوسل بها واستعمالها كجزء من استراتيجية وليس الاستراتيجية كلها”!
ثم نقل عن حسن البنا قوله:”يعلم الإخوان المسلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والإيمان، ويلي ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح، ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جمعيا”!
فهل بعد هذا كله يُقال: إن تنظيم الإخوان المسلمين تنظيم سلمي بريء لا يرى في القوة والسلاح جزءا من استراتيجية عمل الجماعة؟!
أليس ما ذكرناه هنا نصوص واضحة بلسان عربي مبين فيها تسويغ القوة والسلاح ودعم جماعات العنف والتطرف؟!!
ويقول عباس سيسي عضو أسبق بمكتب الإرشاد لتنظيم الإخوان المسلمين كاشفا عن العلاقة الوطيدة بين الإخوان المسلمين والزعيم الإيراني المتطرف صفوي إبان زيارة هذا الأخير لمصر سنة 1954:”وصل إلى القاهرة في زيارة جماعة الإخوان المسلمون الزعيم الإسلامي نواب صفوي زعيم فدائيان إسلام بإيران، وقد احتفل بمقدمه الإخوان أعظم احتفال” إلى أن يقول السيسي:”وهناك بين فكر نواب صفوي وفكر الإخوان مودة غير أن حركة نواب صفوي تتسم بالعنف الشديد وذلك مفهوم من عنوانها فدائيان إسلام”!
فماذا يُقال بعد هذا؟!
ويقول فتحي يكن أيضا في كتابه الذي استفتحت جمعية الإصلاح بالترويج له:”وفي عام 1953 كانت الحركة الإسلامية الساعد الأيمن للثورة التي أطاحت بالملك فاروق”!
كل هذه المصائب والبلايا والإرهاب والتطرف في كتاب واحد فقط من كتب فتحي يكن وهو أول كتاب روجت له جمعية الإصلاح من كتبه في كتيبها المذكور ودعت الشباب إلى اقتنائه ووصفته كما وصفت كتبه عموما بأنها من أنفع الكتب للشباب!!
وحينئذ ماذا سننتظر من الشباب حينما يساقون إلى مثل هذه الكتب الحركية المتطرفة؟!
ماذا سننتظر منهم بالله عليكم؟!!
ماذا ستكون النتيجة حينما تكون الكتب التي تروج للتنظيمات الحركية وتدعم حركات العنف والتغيير بالسلاح هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟!
ماذا ستكون النتيجة حينما تكون الكتب التي تروج للغلو في الحاكمية وتبني عليها إسقاط الحكومات والطعن في المسلمين هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟!
ماذا ستكون النتيجة حينما وحينما وحينما ….
وهل بعد هذا كله سيصدق عاقل أكاذيب التنظيم الإخواني الإماراتي وادعائه أنه صاحب فكر وطني لا علاقة له بتنظيم ولا بإخوان ولا بإرهاب؟!
ألا يستحي هؤلاء بعد هذه الحقائق كلها من استغفال العقول والتلاعب بالحقائق؟!
ألا يتورعون عن اصطياد الشباب وإلقائهم في نيران التنظيمات الحركية والتيارات الثورية المتطرفة؟!
إن التنظيم الإخواني الإماراتي لم يتورع أبدا عن التغرير بالشباب ومحاولة استقطابهم للفكر الإخواني وتربيتهم على الأفكار الثورية والمتطرفة ومحاولة جعلهم معول هدم لمجتمعهم وقيادتهم ولمنهج الاعتدال والوسطية والتعاليم الإسلامية الحقة.

يتبع …

أخلاق الصحفي عبد الله العذبة والملح الأجاج

كعادة أصحاب الأفكار الثورية والفوضوية الطائشة ما يزال عبد الله حمد العذبة – صحفي قطري – يمارس دورا متهورا أرعن في توجيه الإساءات إلى دولة الإمارات والتحريض عليها، بل ويتجاوز به الاستعلاء الفكري الهابط والنزعة الثورية البائسة إلى محاولة قطع الأواصر بين دول الخليج وتقويضها وإفساد ذات البين بين أبناء الدول الخليجية الشقيقة.
يقول العذبة على حسابه في تويتر:”أنصح المواطنين بعدم السفر إلى الإمارات لكي لا يتم اعتقالهم تعسفيا، ونتمنى من وزارة الخارجية إصدار تحذير من السفر على غرار لبنان”!!
إن مثل هذه الكلمات السوداء المتهورة تنم بكل وضوح عن عقلية هابطة ونفسية حاقدة وعن خلل غير منطقي في طريقة التفكير والنظر إلى الآخرين والتعاطي مع الأمور وممارسة التهويل والتضخيم وإعطاء الأحكام المسبقة من دون وعي ولا إنصاف ولا تعقل، وهذا ليس بغريب على مثل هذا الصحفي القطري الذي عُرف عنه الولوع بحشر أنفه في دول الجوار محرضا ومستعديا وشتاما وسبابا وساخرا ومستهزئا وكأنه آثر أن يجعل من نفسه ملحا أجاجا لا عذوبة فيه!
والحقيقة أن عبد الله العذبة الذي لا يجد من الجرأة الكافية ما يجعله يتعامل بصراحة مع دولته بالمنطق نفسه الذي يتعامل به مع دول الجوار فإنه يمارس معها دورا آخر، وهو دور المداهن الماكر، ومن خلال هذا الدور يمارس تحريضا ثوريا ضد دولته ولكن في ثياب شاعري رومانسي! حيث يطمح العذبة إلى انتقال نظام الحكم في دولته من صورته الحالية إلى ملكية مقيدة ومن ثم إلى ملكية دستورية والتي لا يكون على إثرها للأمير هناك إلا وجود رمزي شكلي لا سلطة له فيه على شيء من أمور البلاد والعباد.
إن القناع الذي يرتديه العذبة ويتظاهر من خلاله بأنه من المنافحين عن حكومة قطر والمخلصين لها ليس إلا قناعا زائفا مكسورا يكشف من ورائه ما غرق فيه الرجل من التلاعب والمكر والمداهنة والتمسكن في سبيل الأغراض والأهداف السياسية، فليست حكومة قطر في ميزان عبد الله العذبة كآخرين من أمثاله إلا عقبة كؤود أمام الفكر الديمقراطي الغربي الذي يدغدغ أحلامهم السياسية على أرض قطر، وقد سبق وأن ذكرنا شيئا من أقوال العذبة في هذا الصدد في مقال بعنوان (عبد الله العذبة والهجمات الحاقدة على الأنظمة الخليجية).
يقول عبد الله العذبة:”من المتوقع أن تتحول قطر إلى ملكية مقيدة في منتصف 2013″.
ويُسأل: أين وصل قطار قطر؟ فيقول:”في 2013 إن شاء الله، وأتوقع أن تكون الكويت ملكية دستورية قبل باقي دول الخليج”.
فما يريده العذبة من دولته قطر هو أن تسعى جاهدة إلى تغيير نظامها من ملكية مطلقة إلى ملكية مقيدة ومن ثم ملكية دستورية يملك فيها الأمير القطري ولا يحكم، ليبدأ على إثر ذلك تفجير البلاد بالأحزاب السياسية وبدء التنافس فيما بينها على السلطة والحكم، وربما يطمح العذبة أن يكون له في هذا التنافس حظ ونصيب!
ويرمي عبد الله العذبة دولته قطر بالازدواجية والتناقض فيقول:”كنا نتلقى في تويتر وعبر الإيميل الكثير من الانتقاد لعدم وجود المجلس التشريعي في حين أن قطر تقوم بدعم الثورات والمسار الديمقراطي في العالم العربي”!
يشتكي العذبة من الازدواجية والتناقض الذي وقعت فيه دولته قطر من وجهة نظره ويشتكي من كم الانتقادات التي كانت تُوجَّه إليه وإلى غيره بهذا الصدد مما أوقعه في حرج وحالة نفسية حانقة بسبب هذه الانتقادات.
ولذلك فهو يصرخ في تلك الوجوه معلقا على انتخابات مجلس الشورى الموعود بها في منتصف 2013:”سيخرس هذا القرار الحكيم شبيحة الأنظمة التي كانت تلمزنا ليل نهار”!
ولا ندري كيف سيخرسهم ذلك إذا كانت الديمقراطية عند العذبة هي قضية أكبر من هذا القرار بكثير حيث يقول:”إن انتقال السلطة والانتخابات جزء أصيل من الديمقراطية”؟!
فإذا كانت الديمقراطية عند العذبة هي انتقال السلطة فكيف لتلك الأصوات التي يشتكي منها أن تنتهي وهذه الديمقراطية بهذا المعنى لا وجود لها في قطر؟!
إن الصحفي العذبة يريد من مقاله هذا أن يوجه رسالة ضمنية ثورية في ثياب شاعري إلى أمير دولته مفادها الآتي: “لا بد أن ترضخ أيها الأمير للديمقراطية، وأن تنتقل إلى نظام حكم ملكي مقيد ثم دستوري ينتقل على إثرها السلطة منك إلى غيرك تفعيلا لمبدأ تداول السلطة الذي هو الجزء الأصيل من الديمقراطية! فإنك جعلتنا في موضع تلمزنا الألسن ليل نهار وتتهمنا بأننا متناقضون في سياستنا حيث تقوم بدعم الديمقراطية في دول أخرى ولا تطبقها في دولتك! فسارع إلى تطبيق الديمقراطية التي تدعمها في تلك البلدان في بلدك قطر! وأعط أبناء دولتك حقوقهم السياسية قبل أن يقوموا بانتزاعها منك بالقوة بالمظاهرات والثورات”!
هذا هو مفاد رسالة العذبة إلى أمير دولته بالضبط.
ولذلك فإن العذبة يقول في المقال نفسه:”ولقد أوفى سموه (يعني بإطلاق الوعد المذكور) دون مظاهرات، وهذا يدل على بعد نظره وقدرته على قراءة ما يحدث في الخليج العربي والوطن العربي بدقة وبصيرة”!
وهي رسالة واضحة يريد العذبة من خلالها أن يقول لأميره: إن مشاركة الشعب القطري في الحكم حق واجب فإن لم تبادر بإعطائه ذلك سارع إلى انتزاعه منك بالمظاهرات!
ولذلك فإن العذبة يتخذ من تحريضه على البلدان الخليجية طريقا للتحريض على دولته وحشرها في أتون أفكاره الثورية الطائشة من طرف خفي حيث لا يجد الجرأة الكافية في الاستفتاح بها بصورة صريحة، فهو يقول على سبيل المثال:”أتمنى صادقا أن تعود الكويت للواجهة مرة أخرى، ولن يتأتى هذا إلا بخضوع الحكومة الكامل لمجلس الأمة وإرادة الشعب هناك، وهذا سيجعل ديمقراطية الكويت أنموذجا تحتذيه دول الخليج العربي، لا شماعة لتأخير الإصلاح الديمقراطي فيها”!
فبدأ العذبة هنا بالتحريض على دولة الكويت ليثنِّي بعده بالتحريض على دول الخليج عامة بما في ذلك قطر مهددا ومتوعدا.
لقد أثبت الصحفي عبد الله العذبة بما لا يدع مجالا للشك بأنه ليس سوى مداهن ماكر لا يجد بأسا في أن يسلط لسانه الطويل في التعدي على بلدان الجوار ثم يُظهر في المقابل التمسكن لحكومته القطرية ويتراقص أمامها قائلا بابتسامة صفراء على طريقة التحريض الثوري بلباس شاعري رومانسي: هيا يا حكومتي الحبيبة، آن لك أن تصيري ملكية مقيدة، آن لك أن تسيري في طريق الملكية الدستورية، آن لنا أن نزيحك عن مركز القرار والسلطة! آن لنا ذلك فأنت داعمة الديمقراطية!
هذا هو حال الصحفي عبد الله العذبة، وهذه مقالاته وتغريداته تشهد عليه بذلك.
لقد أثبت الواقع الصريح أن الديمقراطية التي يتشدق بها العذبة وأمثاله ويريدون فرضها على دول الخليج ليست سوى أكذوبة كبرى، فقد بدأت كخيال أفلاطوني يصبو إلى أن تحكم الشعوب نفسها بنفسها بلا قيادة ولا حكومة، وانتهت كسلَّم تتناوشه فئات معينة وتتصارع من أجله الأحزاب للوصول إلى كراسي الحكم، أما عامة الشعوب الذين تُساق الديمقراطية باسمهم فليس لهم إلا الرضوخ والإذعان، تلك هي حقيقة الديمقراطية وأنها – كما قال بعضهم – تساوي في الحقيقة اللاديمقراطية تماما!
إن دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج تعيش مع شعوبها بحمد الله في رباط معنوي وروحي وعملي وثيق جعلت من العلاقة المتبادلة بين الراعي والرعية علاقة وحدوية سامية وموضعا لضرب المثل وعنوانا للجسد الواحد وموئلا للأمن والأمان والعدل والرخاء والوفاء والولاء تفوق بمعانيها وحقائقها وثمراتها وتاريخها تلك العلاقات النفعية القاصرة والوشائج المادية الخاوية والألاعيب الديمقراطية المكشوفة والصراعات السياسية المريرة.

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثانية

نتابع في هذه الحلقة كشف المزيد عما تضمنه كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) أحد مطبوعات جمعية الإصلاح من الترويج الصراح لمنهج الإخوان المسلمين ورموزهم ومؤلفاتهم والترويج للكتب الفكرية والثورية.
ولكن قبل هذا نقول:
ربما يتساءل أحد: إلى أي مدى يمثل ما تقول خطورة فعلية؟
هل من الممكن أن يكون الفكر الذي يحمله إنسان عنوان خطر وطريق شر؟
هل من الممكن أن يكون الإنسان الفلاني الذي يحمل فكرا معينا سببا للتعاسة؟
هل من الممكن أن يكون ما سطره فلان في كتاب أو منشور يمثل تهديدا حقيقيا؟
والجواب أيها القارئ الكريم:
أننا نتكلم عن شيء معين وهو الإنسان، وحينئذ ما هو الإنسان؟
أليس هو ذلك الكائن الذي توجِّهه الأفكار والقناعات لتبني المواقف والأحداث؟
أليست أوعية الأفكار والقناعات هو هذا الإنسان نفسه؟
أليست تلك الأفكار تسيل من الإنسان عبر ما يتكلم ويكتب ليتجلى المخبوء في الصدر على مائدة النشر والاطلاع والمعاينة والتأثر والتأثير؟
وحينئذ أليس التفجير والتدمير والتقتيل وما جرى ويجري على هذه الأرض من هذه الفظائع هو من عمل الإنسان وكسبه؟
أليس من يعتقد أنه يجب أن يفجر الأبرياء ويقتل ويزهق الأرواح تحت شعارات دينية أو شيوعية أو ليبرالية أو غيرها هو قنبلة بشرية موقوتة تهدد الآمنين؟
إن الشاب الذي يفجر نفسه ويودي بأرواح الأبرياء ليس مخلوقا من عالم آخر له طبيعته المغايرة لبني الإنس، بل هو هذا المخلوق الإنسي الذي نعرفه ولكنه نتاج مزري للأفكار المتطرفة والأطروحات الإرهابية التي جعلت منه آلة تدمير وقنبلة موقوتة تنتظر لحظة الانفجار.
إن هذه الأفكار والأطروحات التي صنعت هذا المخلوق الإرهابي هي نفسها تلك الكلمات والعبارات المبثوثة على لسان ما أو في كتاب ما.
وحينئذ أليست هذه الكلمات والعبارات تمثل خطرا حقيقيا وتهديدا فعليا؟!
أليست هذه الكلمات هي الوقود الذي ولَّد ذلك الانفجار؟!
أليس ذلك الانفجار كان نتيجة فكر بائس؟!
وحينئذ أليست هذه الكلمات المتطرفة وذلك الفكر المنحرف شوكا داميا يستدعي منا إماطته عن الطريق وتحذير المارة منه وبالخصوص عن طريق الشباب المفعم بالحماس والرغبة في الخير والهدى؟!
وإذا كانت إماطة الأذى المادي عن طريق المارة لئلا يتضرروا سببا للمثوبة والأجر والمغفرة من الله سبحانه وتعالى حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم:”لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر طريق كانت تؤذي المسلمين”؛ فكيف بإماطة الأذى الفكري القاتل والمدمر الذي يفسد على أبنائنا عقولهم ويهلك الأخضر واليابس؟!
إن من أسباب التساؤلات التي استفتحنا بها المقال هو اهتمام البعض بالأحداث نفسها ونتائجها وصداها، والانشغال بذلك عن أسبابها ودوافعها وخوافيها، فمن السهل أن يتابع أحد حدثا ما، ولكن قد يخفى عليه أو يجد صعوبة في التعمق في أسبابها وجذورها وما وراء الحدث من حقائق ودوافع، ولا يعني ذلك الانشغال بهذا أو ذاك، ولكن أن نعرف ما يهمنا بالتحديد على وجهه الصحيح، وأن نعرف أسباب المشكلات ليكون الحل حلا جذريا فاعلا يقتلع المرض من أساسه وحلا استباقيا وقائيا يواكب القاعدة المعروفة: الوقاية خير من العلاج.
وبعد هذه المقدمة نقول:
من الكتب التي روجت لها جمعية الإصلاح وأشادت به غاية الإشادة كتاب (في ظلال القرآن) لسيد قطب، وهو الكتاب الذي اقتبس منه سيد بعد ذلك كتابه (معالم في الطريق)، وقد اعترف غير واحد من رموز الإخوان المسلمين أنفسهم بما تضمنه كتاب (الظلال) و(المعالم) وغيرها من كتبه من الدعوة الصريحة إلى تكفير المجتمعات المسلمة والحكم عليها بالارتداد.
يقول يوسف القرضاوي في برنامج (فقه الحياة):”الكتاب ينضح بفكرة تكفير المجتمع، وأنا آسف أن أقول هذا لولا أن الأمانة اقتضتني أن أقوله”.
المذيع: أليس كل التفاسير لها وعليها؟
القرضاوي: “نعم هناك أخطاء جزئية لكل مفسر، ولكن الخطأ في الظلال هو في الاتجاه حيث إنه محمَّل بفكرة كلية حول المسلمين الحاليين وأنهم كفار لا مسلمين”.
ويقول القرضاوي أيضا في كتابه (أولويات الحركة الإسلامية):”في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي، والسخرية بفكرة تجديد الفقه وتطويره وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة، والاستخفاف بدعاة التسامح والمرونة ورميهم بالسذاجة والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية، ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في تفسير (في ظلال القرآن) في طبعته الثانية، وفي (معالم في الطريق) ومعظمه مقتبس من (الظلال)، وفي (الإسلام ومشكلات الحضارة) وغيرها”.
ويقول فريد عبد الخالق عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين في كتابه (الإخوان المسلمون في ميزان الحق): “ألمعنا فيما سبق إلى أن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك”.
إلى أن يقول: “إن أصحاب هذا الفكر وإن تعددت جماعاتهم يعتقدون بكفر المجتمعات الإسلامية القائمة وجاهليتها جاهلية الكفار قبل أن يدخلوا في الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ورتبوا الأحكام الشرعية بالنسبة لهم على هذا الأساس” إلخ.
بل ها هو عمر التلمساني نفسه المرشد الثالث للإخوان المسلمين يُسأل: إلي أي حد يمكن اعتبار كتاب (معالم على الطريق) مسئولا عن هذا الفكر عن تكفير المجتمع وتحبيذ العنف؟
التلمساني: “الحق إذا قرأت كتاب (معالم على الطريق) ترى أن سيد قطب كان قاسيا في التعرض للأحداث التي حدثت في مصر في تلك الفترة، لعل بعض الشباب أخذ منها فكرة أن القوة لابد وأن تنتهي به إلى أن يكون عنيفا، يمكن هم أخذوا هذا”.
ومع هذا يكمل التلمساني كلامه قائلا:”ولكنا مع ذلك عندما نقرأ تفسير سيد قطب لبعض الآيات التي تتعرض لمن لا يحكم بما أنزل الله لا نجد معنى للتكفير”.
وهذه الحجة في الحقيقة لا وزن لها في ميزان العقل والمنطق، فإن كون سيد قطب لم يتعرض للمسألة في بعض المواضع من تفسيره – على فرض التسليم بذلك – فإنه لا ينفي ما هو ثابت عليه من الترويج لها في مواضع أخرى من تفسيره وفي مؤلفاته الأخرى!
ولكن لأن سيد قطب أحد رموز الإخوان وأقطابهم ومنظريهم فإن الاتجاه العام للإخوان المسلمين هو الإشادة به وبمؤلفاته واعتباره رمزا ساطعا من رموزهم وفارسا عظيما من فرسانهم، حتى انبرى محمد بديع نفسه المرشد الحالي للإخوان المسلمين وآخرون معه وتولوا الإشادة بسيد قطب وبمؤلفاته في بعض البرامج واللقاءات والاستماتة في إطرائه.
وقد كان لكتابات سيد قطب وبالخصوص كتاب (الظلال) و(المعالم) وكتبه الأخرى أكبر الأثر في بروز الجماعات الإرهابية المتطرفة في هذا العصر، ونذكر على ذلك في هذه العجالة مثالين فقط:
المثال الأول: يقول شكري مصطفى الذي تم إعدامه عام 1978م على خلفية زعامته وإدارته لجماعة (التكفير والهجرة) الجماعة الإرهابية التي لم تتورع حتى عن اغتيال الدكتور حسين الذهبي وزير الأوقاف المصري في وقته :”لقد انتشرت نزعات الكفر في مجتمعات المسلمين، وسرت تمور في جسد الأمة كالسم الزعاف لدرجة فاقت جاهلية ما قبل الإسلام، عندئذ رجعنا إلى أفكار الشهيد سيد قطب، وهو الذي طرق باب أزمة العقيدة في كتابه (في ظلال القرآن) حيث دق ناقوس الخطر محذرا من جاهلية القرن العشرين”.
المثال الثاني: يقول أبو مصعب السوري الذي عمل في التدريب العسكري في معسكرات تنظيم القاعدة:”لقد توصل نفر من المفكرين والدعاة الأوائل مطلع الستينيات إلى أن مشاكل الأمة قائمة تطول: أولها حكم الكفر وولاء الأعداء” إلى أن يقول:”فبدأت تتكون بوادر الفكر الجهادي حيث طُرح فكر الحاكمية والولاء والبراء والتمايز والمفاصلة، وكان رائد هذه الصحوة بلا منازع الأستاذ المعلم سيد قطب رحمه الله”.
وليست هذه الثمرات المرَّة التي ولَّدت هذه الكيانات المتطرفة جاءت من فراغ، بل كانت نتائج عملية للفكر التكفيري والحركي والثوري الذي ملأ سيد قطب مؤلفاته به.
فها هو سيد قطب يقول في (ظلال القرآن):”إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي”!
ويقول أيضا:”نحن اليوم لسنا أمام دولة مسلمة وإمامة مسلمة وأمة مسلمة … لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية أول مرة ورجع الناس إلى الجاهلية التي كانوا عليها فأشركوا مع الله أربابا أخرى تصرف حياتهم بشرائعها البشرية ولقد عاد هذا الدين أدراجه ليدعو الناس من جديد إلى الدخول فيه إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله”!
ويقول:”لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها … عادت البشرية إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت للعباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء، البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعدما تبين لهم الهدى ومن بعد أن كانوا في دين الله”!
ويقول في كتابه (العدالة الاجتماعية):”لا إسلام ولا إيمان بغير الإقرار بالحاكمية لله وحده … وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام لا نرى لهذا الدين وجودا، إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية في حياة البشر وذلك يوم تخلت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شؤون الحياة، ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة وأن نجهر بها وألا نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا مسلمين، فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا: كيف يكونون مسلمين”!
ويقول في كتابه (معالم في الطريق):”ولكن ما هو المجتمع الجاهلي؟ وما هو منهج الإسلام في مواجهته؟ إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم، وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي وفي الشعائر التعبدية وفي الشرائع القانونية، وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا”!!
يقول مستعرضا هذه المجتمعات:”تدخل فيه المجتمعات الشيوعية .. وتدخل فيه المجتمعات الوثنية .. وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية في أرجاء الأرض جميعا … وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة”!
ثم يقول:”وإذا تعين هذا فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره”!
كما ملأ سيد قطب كتبه بالدعوة إلى التنظيمات الحركية وفرضها على كل مسلم ومسلمة، وتخيير المسلم بين أن ينضم إلى هذه التنظيمات الحركية أو أن يكون خادما للجاهلية، وانحرف بالدعوة إلى الله تعالى إلى هذا المنحى الخطير فأوجب على كل داعية الانخراط في تنظيم خاص يخلص لقيادته بالولاء والطاعة ويسعى به لإزاحة الحكام عن مراكز القيادة والسلطان.
يقول سيد قطب:”أصحاب الدعوة إلى الله لا بد لهم من التميز، لا بد لهم أن يعلنوا أنهم أمة وحدهم، يفترقون عمن لا يعتقد عقيدتهم، ولا يسلك مسلكهم، ولا يدين لقيادتهم، ويتميزون ولا يختلطون، ولا يكفي أن يدعوا أصحاب هذا الدين إلى دينهم، وهم متميعون في المجتمع الجاهلي، فهذه الدعوة لا تؤدي شيئا ذا قيمة، إنه لا بد لهم منذ اليوم الأول أن يعلنوا أنهم شيء آخر غير الجاهلية، وأن يتميزوا بتجمع خاص آصرته العقيدة المتميزة وعنوانه القيادة الإسلامية” إلى أن يقول:”وجاهلية القرن العشرين لا تختلف في مقوماتها الأصلية وفي ملامحها المميزة عن كل جاهلية أخرى واجهتها الدعوة الإسلامية على مدار التاريخ”!
ويقول أيضا:”إن تميز المسلم بعقيدته في المجتمع الجاهلي لا بد ان يتبعه حتما تميزه بتجمعه الإسلامي وقيادته وولائه، وليس في ذلك اختيار، إنما هي حتمية من حتميات التركيب العضوي للمجتمعات، هذا التركيب الذي يجعل التجمع الجاهلي حساسا بالنسبة لدعوة الإسلام القائمة على قاعدة عبودية الناس لله وحده وتنحية الأرباب الزائفة عن مراكز القيادة والسلطان، كما يجعل كل عضو مسلم يتميع في الجاهلية خادماً للتجمع الجاهلي لا خادماً لإسلامه كما يظن الأغرار”.
إلى آخر ما تضمنته مؤلفات سيد قطب من المصائب والبلايا التي زرعت في المجتمعات الإسلامية التنظيمات الحركية الحزبية والجماعات الإرهابية المتطرفة والأفكار السوداء.
يقول القرضاوي:”الأمر ليس تحشية فى موضع أو موضعين أو عشرة أو عشرتين أو مئات المواضع، هذا فكر يسري في كتبه مسرى العصارة في الأغصان ومسرى الدم في الجسم، الأمة الإسلامية عند سيد قطب انقطعت من الوجود، وهو له رأيه المتطرف فى مسألة بني أمية وعثمان وغيره، ورد عليه الأستاذ محمود شاكر من قديم فى مسألة الصحابة, ورأيه في المجتمع الإسلامي على طول التاريخ ورأيه فى المجتمع الحالي, وأنه لا يوجد على وجه الأرض مجتمع مسلم قط في أي بلد من البلاد حتى المجتمع الذى يعلن ارتباطه بالإسلام”.
هذا القرضاوي نفسه أحد رموز الإخوان المسلمين يعترف بهذا ويدعي مخالفته لسيد قطب في مسألة الصحابة والتكفير العام مع أنه وافقه في كثير من البلايا وشاركه في الاستعداء على الحكومات والتحريش بين المسلمين.
ومع هذا كله نجد جمعية الإصلاح تروج لمؤلفات يسد قطب بصورة صارخة وبالخصوص تفسيره المذكور فتقول في كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) ص12 و13:”ثم يكون الحرص على اقتناء (في ظلال القرآن) لسيد قطب رحمه الله، وهو مدونة موسوعية غزيرة النفع! وفيه الجوانب التفسيرية لمن أرادها، من غير استطراد تفصيلي، ولكن أهميته تكمن في الحقيقة في استنباطه لموازين فقه الدعوة وقواعد الفكر الإسلامي من الآيات نفسها! وقد أجاد وصف الطبيعة الحركية التربوية لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وجنده رضوان الله عليهم من خلال آيات الغزوات خاصة، مع نقد لواقع الأمة الإسلامية رسم من خلاله أبعاد العمل الاستدراكي الواجب على ضوء التاريخ القريب، كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا”!
هكذا وبمثل هذا الإطراء البالغ روجت جمعية الإصلاح لهذا الكتاب الذي يمثل أحد مرتكزات الأفكار المتطرفة في هذا العصر والذي كان سببا لزج كثير من الشباب في المتاهات السوداء والعمليات الإرهابية.
لقد أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الطبيعة الحركية التي دعا إليها، والتي لم تكن في الحقيقة إلا دعوة صارخة إلى التنظيمات الحركية الحزبية التي تخلص لقياداتها بالولاء والطاعة وتنزع الولاء من جميع القيادات المسلمة القائمة على وجه الأرض.
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من نقد لواقع الأمة الإسلامية والذي لم يكن سوى التكفير الصراح للأمة الإسلامية جمعاء دولا ومجتمعات!
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الفقه المزعوم للدعوة وقواعد الفكر الإسلامي والذي لم يكن سوى الدعوة الصريحة إلى مجابهة الحكام وإيجاب الانخراط في التنظيمات الحركية من أجل أزاحتهم عن مراكز القرار والسلطة!
وختمت الجمعية إطراءها وإشادتها بقولها:”كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا”!!
ونحن نقول: نعم يحلق بالقارئ عاليا ولكن إلى أين؟!
إلى تكفير المسلمين حكومات ومجتمعات؟!
إلى اعتزال المجتمعات المسلمة وقطع العلاقة مع أفرادها؟!
إلى نزع الولاء من ولاة الأمور ومن كل قيادة مسلمة قائمة على وجه الأرض؟!
إلى الانخراط في التنظيمات الحركية الحزبية وإفرادها بالولاء والطاعة؟!
إلى مجابهة الحكام والسعي لإزاحتهم عن مراكز السلطة والقرار؟!
أهذه هي مقومات الدعوة والإصلاح وقواعد الفكر الإسلامي في نظر جمعية الإصلاح؟!!
وقد سبق في الحلقة الماضية مدى غلو هذه الجمعية في سيد قطب حتى وصفوه في الكتيب المذكور بسيد الفكر الإسلامي في هذا العصر على الإطلاق!
وقد انعكس هذا كله وبصورة جلية على خطابات التنظيم الإخواني الإماراتي ومواقفه في اعتداءاته الأخيرة، حيث قاموا من دون ورع بتنزيل الآيات التي تناولت الكفار ومصائرهم على المسلمين وبالخصوص على قيادة الدولة ومسؤوليها ورجال أمنها، وشبهوهم بفرعون وقارون وهامان، وشبهوهم بأصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنون اعتراضا على إيمانهم بالله، بل صرحوا بأن ما يجري معهم هو مثل ما جرى مع هؤلاء المؤمنين وأن الأمر كله بسبب إيمانهم بالله تعالى! إلى آخر تلك الخطابات التكفيرية التي لم يتورع هؤلاء عن ترويجها والتكريس لها.
وهذا ما يذكرنا بقول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في كلامه عن الخوارج الأوائل الذين استحلوا دماء المسلمين وكفروهم حيث قال عنهم: “انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين”.

يتبع …

التنقل بين المقالات