مدونة كاتب إماراتي

مدونة ترسم كلماتها أقلام إماراتية مبدعة ، تحمل هم الوطن ، وتكتب دفاعا عنه ، بفكر معتدل ، ورؤية وسطية

لماذا السفر إلى دبي حرام؟!

إن دبي جزء من دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الإمارات دولة مسلمة، حكومتها مسلمة، وشعبها مسلم، وشعائر الإسلام فيها من صلوات وصيام وزكوات وصدقات وحملات الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام وغير ذلك كلها شعائر ظاهرة بارزة مشهودة، والمساجد منتشرة في جميع أرجاء الدولة، ومراكز تحفيظ القرآن الكريم عامرة من قبل الصغار والكبار، والجامعات الإسلامية متوفرة بحمد الله وفضله، وأما الخطأ فلا يسلم منه أحد، وليس هناك أحد معصوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلماذا أطلق بعضهم هاشتاقا يحرم فيه السفر إلى دبي؟!
إن مما أوقع مثل هؤلاء في الشطط واللغط والجرأة على الله تعالى والتقول عليه سبحانه وتعالى: عدم فهم الشرع الفهم الصحيح وعدم النظرة الموضوعية للواقع، فالأول يورث الجرأة على الله تعالى, والثاني يورث الإجحاف والظلم والافتراء على عباد الله، والنظرة الموضوعية تقتضي بأنه لا يوجد بلد مسلم انتفى عنه المنكر بالكلية، فإن الله خلقنا بشرا ولم يخلقنا ملائكة، بل هذا مكة المكرمة والمدينة النبوية مع قدسيتهما وُجِدت فيهما منكرات، بل حتى في العهد النبوي وُجد في المدينة من وقع في الزنا وأعلن توبته وإنابته إلى الله جل وعلا.
فوجود المنكر في بلد مسلم أمر متصور شرعا وعقلا وواقعا، فأما الشرع فقد أخبر النبي صلوات الله وسلامه عليه بأن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
ومن هنا نتساءل: لماذا أطلق هؤلاء الفتوى المغرضة وقالوا بأن السفر إلى دبي حرام؟!
لماذا لم يطلقوا مثل هذه الفتوى في السفر إلى تركيا أو إلى مصر أو حتى إلى بعض الدول الغربية التي يذهب إليها بعضهم بصفة مستمرة للاستجمام أو لمصالح ومآرب ولا يجد في ذلك أدنى غضاضة؟!
إن دولة الإمارات ومنها إمارة دبي تقوم على الوسطية والاعتدال، وتُظهر شعائر الإسلام المتنوعة، وتحظى إمارة دبي بثقل اقتصادي عالمي، ولقد وفق الله سبحانه دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعبا لوقفة حازمة حكيمة لكشف حقائق تنظيمات تخريبية من الغلاة والتكفيريين والإخوان المسلمين والمشغبين، مما أنتج في المجتمع الإماراتي ثقافة إيجابية وطنية قوية ومثقفين غيورين على الدين والوطن قاموا بكشف شخصيات مغرضة كثيرة والوقوف بالمرصاد أمام ثقافات فاسدة تتربص الشر بحكومة دولة الإمارات وشعبها وبالحكومات الإسلامية.
وهذه الثقافة الإيجابية التي وفق الله سبحانه إليها دولة الإمارات أصابت هذه التنظيمات الفاسدة في مقتل، مما كان لذلك كله الأثر الكبير في كشف حقائق هذه التنظيمات عند العقلاء المنصفين وعند حكومات وشعوب أخرى.
كل ذلك أدى إلى تضييق الخناق على هذه التنظيمات المغرضة وتجفيف منابعها في الداخل والوقوف أمام مخططاتها الإجرامية بكل حزم وحكمة، ولذلك تداعى المنتمون إلى هذه التنظيمات والمتعاطفون معها والمنخدعون بها إلى الترويج لثقافاتهم الفاسدة وإنشاء هاشتاقات مغرضة منذ ذلك الوقت للنيل من دولة الإمارات، ومنها هذا الهاشتاق المغرض.
ولذلك فإننا نتساءل: لماذا هذه الفتوى الآن؟
لماذا لم تكن هذه الفتوى قبل منع بعض الشخصيات المشهورة في تأجيج الفتن التي كانت تزور البلاد من قبل؟!
إن هذا يدل بوضوح على أن هناك أهدافا مغرضة لهذه الفتوى أراد بها أصحابها تعبئة الفكر التكفيري ضد دولة الإمارات والقيادة الحكيمة والمجتمع.
إن مقتضى الشرع والعقل والواقع وشهادة القريب والبعيد يرد أباطيل وترهات هذا الهاشتاق، فمعالم الدين بارزة في الدولة من مساجد ومؤسسات وجامعات وتشريعات وخطب وخطابات، ووجود الخطأ أيا كان وممن كان لا يعني رضا القيادة أو الشعب عن هذا الخطأ، ولذلك فقد أوجدت القيادة الحكيمة تشريعات ومؤسسات تحافظ على حرمات الدين وتحفظ حقوق الناس وتصون القيم الأخلاقية وتجرِّم الخمر والزنا وغيرها وتوجب العقوبة الشرعية على ذلك، ووضعت الدولة الأنظمة واللوائح لمنع الجرائم التي تمس الدين والأخلاق والأمن والاستقرار والحقوق، إضافة إلى العديد من المبادرات والبرامج ومن ذلك مبادرة الشرطة المجتمعية التي تعمل على نشر الوعي الاجتماعي وتفعيل دور المجتمع في منع الجرائم، تحقيقا للهدف المشترك المتمثل في الارتقاء بالسلوك الاجتماعي والمسؤولية الذاتية لأفراد المجتمع.
فلماذا بعد كل هذا يتجرد البعض من الورع ليقول: السفر إلى دبي حرام؟!
إنك لتعجب من جرأة هؤلاء على الله سبحانه وجراءتهم على إطلاق الفتاوى العجيبة، وأين هؤلاء من الإمام مالك رحمه الله إمام دار الهجرة النبوية الذي كان يقال عنه: لا يفتى ومالك في المدينة، ومع هذه المكانة العلمية المرموقة كان رحمه الله إذا سئل عن مسألة كأنه بين الجنة والنار، ولو تأمنا سيرة العلماء الراسخين لوجدناها مثل سيرة هذا الإمام الراسخ سيرة مليئة بالخشية والورع والتثبت وتحري العلم وطلب الحق، يقول عطاء بن السائب: أدركت أقواما إن كان أحدهم ليُسأل عن الشيء فيتكلم وإنه ليرعد.
فأين هؤلاء من سمت العلماء وهديهم؟!
إن اعتزاز قيادتنا الرشيدة بتعاليم الدين الحنيف وتمسكها بها والحث عليها وبذل الخير والمعروف للناس ليس محل شك من عاقل منصف، لأنه أمر مشهود كالشمس في رابعة النهار، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تُذكر فضلا من أن تُحصر.
يقول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في كتابه (ومضات من فكر)ص40:”سألتني إحدى الأخوات عن حياتي كيف أعيش يوما في حياتي كإنسان وليس كقائد؟ فأجبتها بأن حياتي بسيطة: تبدأ من صلاة الفجر، وهي نصيحة أنصح الجميع بالتعود عليها، الاستيقاظ مع الفجر – إذا تعودت عليه – ليست صعبا، فكأن منبها ذاتيا يوقظك كل يوم”.
ويقول حفظه الله أيضا في الكتاب نفسه ص58:”سألني أحد الإخوة في الجلسة عن قدوتي في الحياة، فأجبته بأن قدوتي في الحياة وقدوة كل الحضور هو نبيي وحبيبي محمد صلى الله عليه وسلم”.
ويقول حفظه الله أيضا ص100″بدأنا الفكرة بتخصيص مناسبة يوم الجلوس للاهتمام بالأيتام عام 2011، ووجهنا الجميع ممن يريدون تقديم التهاني لنا عبر وسائل الإعلام بتوجيه هذه الأموال للأيتام، والتقيت مجموعة منهم، ممن تهتم بهم وزارة الشؤون الاجتماعية، ووجهت عبرهم رسالة لكل المجتمع: أن هؤلاء الأيتام هم أبنائي وأبناء خليفة وأبناء شعب الإمارات جميعا”.
ويقول حفظه الله أيضا ص108:”بلغت مساعدات الإمارات لغيرها من الدول منذ إنشائها ما يزيد على 163 مليار درهم، كما أن قيمة المساعدات كنسبة إجمالية من دخلنا القومي تقترب من الواحد في المائة، مما يجعلنا من الأوائل عالميا في هذا المجال ولله الحمد والمنة”.
وسرد سموه في خبر منشور في جريدة البيان تفاصيل حادثة مرت عليه عندما كان يتجول برفقة صديق له في أحد المراكز التجارية في دبي، فتأخر صاحبه خطوات بسيطة، واستمر هو بالمشي بمفرده، وإذ بأحد الأجانب يقترب منه، ثم يوقفه ويسأله: “أأنت الشيخ محمد؟”، فأجابه “نعم أنا الشيخ محمد”، فسأله الأجنبي: “ولكن أين حراسك؟، وكيف تمشي بمفردك؟”، فرد عليه قائلا: “انظر حولك، هل ترى هؤلاء الناس جميعا، مواطنين ومقيمين، في هذا المركز التجاري، إنهم جميعا حراسي”.
وتابع سموه تفاصيل الواقعة التي كانت نهايتها شاهدا على أهمية القدوة في الدين الإسلامي، فقال :”ذهب الرجل الأجنبي، ثم سرعان ما عاد، وهو يقول “أريد أن أصبح مسلما فكيف الطريقة؟”، مما دفعني إلى الاتصال بأحد المسؤولين العاملين في حقل الدعوة، ليمنحه بعض الكتب الإسلامية حتى يقتنع أكثر، ولا يكون موقفه مؤقتًا، ثم ما لبث أن دخل في الإسلام في ما بعد”.
إن هذا كله وغيره موجب لدحض مقولة المغرضين وطعوناتهم الجوفاء.
إننا ندعو المعتدلين والوسطيين إلى بيان الثقافة الإيجابية وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي وبالخصوص تويتر، فهناك الكثير من الشباب والشابات من طلاب الجامعات والمدارس لهم متابعة لما يتم تناقله في تويتر، ولذلك فإننا نعتب على بعض الجهات المختصة عدم إصدارها للفتاوى الشرعية التي تبين سلبية مثل ذلك الطرح وما يتضمنه من ثقافة فاسدة وترويج لفكر الغلو.
وأخيرا فمهما حاول المغرضون أن يشوهوا دولة الإمارات فسعيهم في ضلال، فالواقع يكشف زيفهم وكذبهم وافتراءاتهم، وأنى للباطل أن يخدع العقلاء المنصفين الموفَّقين.
حفظ الله دولتنا وقيادتنا ومجتمعنا من كل سوء ومكروه ومنَّ علينا جميعا بالحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.

Single Post Navigation

2 thoughts on “لماذا السفر إلى دبي حرام؟!

  1. لا تستغرب ياصديقي، فقد صارت الفتوى مفتوحة لكل من أطلق اللحية وقصر الثوب وخطب في المسجد أو أم الناس، وكأن شرع الله لعبة بين أيديهم، هاهم من أطلق تلك الفتاوى يلعبون ويمرحون في أوروبا وغيرها.
    إن إطلاق فتوى تحريم السفر لدبي جاءت ردا على بعض الإجراءات التي اتخذتها الإمارات الشقيقة بمنع بعض الشخصيات التكفيرية الطائفية من السفر لها، وأيضا بعد أن كشف تنظيم الإخوان الغير نظامي. هناك إزدواجية واضحة.
    أخيرا…… نحن الآن في عصر الإنفتاح، فلن تنطلي هذه اللعبة على العقلاء، ولن يسمع لفتاواهم غير المغرر بهم، وهم مالا تحتاجهم دبي والإمارات ليسافروا لها، بل إن عدم سفرهم لها نعمة، فرب ضارة نافعة من هذه الفتوى الشاذة.
    مقال رائع ياصديقي وتقبل تحياتي

  2. ومن منا لا يعرف الامارات العربية المتحده وطيبة ورقي اهلها والتزامهم بالدين .. تغريدة شخصيه من شخص يدعي انه داعيه وعليه وزر هذه التغريده فلا يجوز ان نحرم ما احل الله وهذا الشخص حرم ما احل الله وتظل وجهة نظره ولن تتعدى حدود نطاقه الضيق فلا تكترثوا يا اهلنا الاعزاء في الامارات فلا ترمى الا الشجرة المثمره

أضف تعليق