مدونة كاتب إماراتي

مدونة ترسم كلماتها أقلام إماراتية مبدعة ، تحمل هم الوطن ، وتكتب دفاعا عنه ، بفكر معتدل ، ورؤية وسطية

العلمانية والإخوانية خطران يهددان دول الخليج – مناقشة أحد الكُتَّاب

كشف الإخوان المسلمون في الإمارات عن أقنعتهم مع أحداث ما يُسمى بالربيع العربي، وأظهروا حقدهم الدفين على الدولة، وسعيهم الحثيث في النيل من شرعيتها بشتى الوسائل، ومحاولاتهم المغرضة لتكوين جبهة معارضة داخلية تحت شعارات براقة، والتحالف هنا وهناك في سبيل ذلك، إلى آخر أفاعيلهم المشينة المعروفة.
ولم يكن ذلك غريبًا، فأدبياتُ الإخوان المسلمين عمومًا المسطَّرة في كتب مرشديهم ومنظريهم وتاريخُهم وواقعُهم في مجتمعات أخرى تجعل من الأفاعيل المشينة الصادرة من التنظيم الإخواني في الإمارات نتيجة حتمية للفكر الإخواني.
ولم ينحصر هذا الهجوم ضد الدولة في الإخوان المسلمين، بل شمل أيضًا التيار الليبرالي الذي مارس هو الآخر هجومًا ضاريا وبتحالف سافر مع التنظيم الإخواني ومنظمات خارجية، وقد اجتمع هؤلاء جميعًا على توظيف كلمات من مثل الديمقراطية والحقوق والإصلاح والحرية؛ بتحريف معانيها تارة، وبفرض معان معينة مستوردة من مجتمعات أخرى لا تتناسب مع المجتمع الإماراتي تارة أخرى، وبتزوير الواقع وقلب الحقائق والتلبيس والتدليس تارات أخرى.
ومن المهم هنا أن نعي جيدا أن القضية ليست صراعا ضد الإسلام من حيث هو دين شامل لجميع جوانب الحياة كما يروِّج له التنظيم الإخواني، فالإمارات دولة مسلمة، ومؤسسوها وقادتها حريصون على ترسيخ الثقافة الإسلامية وقيمها السمحة المعتدلة، وعباراتهم في ذلك كثيرة لا يمكن حصرها في هذا المقال، ومواقفهم مشهودة بذلك، وقد سئل مؤسِّس الدَّولة الشَّيخ زايد رحمه الله وطيَّب ثراه عن العلمانيَّة فقالها صريحةً واضحة:”إذا لم تعتمد الدولة الدين دستورًا لها فكيف ينتظر منها البشر النفع والفائدة؟!” (الفرائد من أقوال زايد) ج3 ص354.
إن القضية هي في إسقاط شرعية الدولة والانقلاب على نظامها ودستورها وتهديد وحدة المجتمع وتلاحمه ونشر الأيدلوجيات الثورية التي تهدد الأمن والاستقرار وتعرقل التنمية سواء كان باسم الدين أو باسم الحرية.
وقد وقف التيار الإخواني والليبرالي في تأجيج هذه الفتن على حد سواء، وإذا كان التيار الإخواني حاول استغلال مصطلحات وشعارات دينية لتحقيق مآربه؛ فإن التيار الليبرالي هو الآخر حاول استغلال مصطلحات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات المدنية وغيرها لتحقيق مآربه على حد سواء، بل إن الخطاب الإخواني قد استعاض بهذه الكلمات نفسها عن كثير من شعاراته ومصطلحاته في الأيام السابقة وسارع إلى توظيف الكلمات الأخيرة في خطاباته كتكتيك مرحلي في محاولة للاستفادة من اللافتات العريضة في استجلاب نوع من الضغط الخارجي والدعم والتأييد وإضفاء شرعية كاذبة.
وإذا كنا نتحدث عن استغلال التنظيم الإخواني للشعارات الدينية فإن هذا الاستغلال لا يمكن أن يتم إجمالا إلا بطريقين:
الأوَّل: إنشاء مفاهيم مغلوطة منسوبة للدين.
والثاني: تزوير الواقع.
وهكذا فعل الليبراليون، فحاولوا أن يفرضوا على المجتمع فهمهم الخاص للديمقراطية والحقوق والحريات زاعمين أن هذه الكلمات لا معنى لهم إلا ما يفهمون ولو كانت مفاهيم مغلوطة أو كانت مفاهيم لا تتناسب مع المجتمع الإماراتي، ومن جهة أخرى لم يتورع بعضهم عن تزوير الواقع وقلب الحقائق والإساءة إلى الدولة وتشويه سجلاتها في حقوق الإنسان.
وإذا كان الإخوان المسلمون رفعوا شعار: الإسلام هو الحل؛ وهي كلمة حق أرادوا بها باطلا، فإن آخرين كبعض الليبراليين رفعوا شعار: العلمانية هي الحل؛ وهي كلمة غير مقبولة جملة وتفصيلا.
وكأن أحد الكُتَّاب حينما قال لبعضهم على حسابه في تويتر:” Secularism is the solution” أي: العلمانية هي الحل؛ لم يتفطن إلى أنه بذلك يرفع شعارا مفجِّرًا للتعدديات الحزبية والتنافس على السلطة والاستعداء على حكام الخليج بذريعة أن من أهم سمات العلمانية تداول السلطة السياسية!
وإذ كنا نتحدث عن التيارات التي تسعى لتمزيق المجتمع وتكوين جبهات معارضة داخلية سواء كانوا إخوانيين أو ليبراليين فإن الذي يجب علينا أن نعلمه جيدا أنه لا فرق بين من يدعو إلى إسقاط حكام الخليج والانقلاب عليهم بطرق مباشرة، وبين من يدعو إلى إسقاط حكمهم وإبقائهم مجرد رموز شكلية تملك ولا تحكم تحت ستار ملكيات دستورية، فإن المحصلة في الحالتين واحدة.
ولا ندري هل تفطن لهذه الحقيقة ذلك الكاتب حينما كتب مقالا بعنوان (Arab Monarchies: Surviving the Revolts) دعا فيه الملكيات العربية بما فيها دولة الإمارات إلى التحوُّل إلى ملكيات دستورية، وهدَّد في مقاله بأن ذلك أمر واقع لا مجرد احتمال!
كما نرى أن هذا الكاتب يقول في معرض نقده للإخوان المسلمين في مقال بعنوان (الليبراليون والإخوان المسلمون زواج بنية الطلاق):”وإذا ما أراد الليبراليون الإماراتيون إجراء إصلاحات حقيقية ومتسارعة في دولة الإمارات العربية المتحدة فما عليهم سوى إنهاء تحالفهم مع السياسيين الإسلاميين” إلخ!
ولنا أن نتساءل: ما هي هذه الإصلاحات الحقيقية والمتسارعة التي يريدها هذا الكاتب والليبراليون في الإمارات؟! وما هو المغزى منها؟!
إن المغزى الحقيقي بلا شك هو نزع السلطة من أيدي حكام الإمارات والسعي إلى ملكية دستورية، ذلك الذي نادى به الكاتب نفسه صراحة في مقاله عن الملكيات وآخرون من التيار الإخواني والليبرالي كما ذكرنا شيئا من أقوالهم في مقال سابق بعنوان (الثورة الخفية لإسقاط أنظمة دول الخليج).
إضافة إلى ما تضمنه مقال الكاتب من شرعنة سافرة للفكر الليبرالي في المجتمع الإماراتي وإظهار أصحابه على أنهم المدافعون عن حقوق الإنسان وحرية التعبير وأنهم مرنون وأنهم يتمتعون بحرية التفكير.
ويقول الكاتب على حسابه في تويتر:”أرى أن الليبرالي هو الذي يحترم الرأي الآخر ولا يحاول فرض رأيه بالقوة”.
ونقول: إن الفكر الليبرالي لا يقل خطورة عن الفكر الإخواني، وإذا كان الإخوانيون سياسيون يهدفون إلى الاستحواذ على السلطة فإن الليبراليين سياسيون بهذا المعنى تمامًا!
وقد تناول غير واحد من كُتَّاب الغرب أنفسهم ما نجم عن الليبرالية من فشل وما أوقعتها من أخطار على نفسها بنفسها، ومن هؤلاء الكتَّاب: ريتشارد كوك كاتب ومؤلف أمريكي وكريس سميث وزير سابق لشؤون الثقافة ووسائل الإعلام والرياضة في أمريكا في كتابيهما (انتحار الغرب) حيث تطرقا إلى جوانب من ذلك الفشل، منها:
– النهج الإمبراطوري الليبرالي المتمثل في فرض الديمقراطية بالقوة على الآخرين.
– تزايد انفصال الليبرالية الكامل عن قاعدتها الأخلاقية والفراغ الأخلاقي المتزايد لليبرالية.
– الالتزام الذي يزداد ضعفا نحو الجماعة.
– ضعف الحرية التعاونية.
– فقدان العاطفة الحقيقية من قبل الليبراليين والخواء العاطفي في قلب الليبرالية.
– فقدان الليبرالية للمثل العليا السامية.
– اعتبار الأضرار الشخصية أو عيوبها عذرا للسلوك غير الاجتماعي.
– الانشغال في مطاردة المصلحة الذاتية مطاردةً لا تفتر.
– النسبية المفرطة بحيث يُرى أنه لا شيء أفضل من أي شيء آخر غيره، بل بحيث لا يُستطاع معرفة طبيعة الحقيقة أبدا، ذلك الذي يؤدي إلى تآكل الإحساس بالمسؤولية، ويتعارض مع الحوار العقلي الذي يفرض الالتزامات على أعضاء المجتمع ويفرض وجود بعض أشكال السلوك تكون أفضل من غيرها.
يقول صاحبا الكتاب:”وأشد الأمور أذى أن عقيدة النسبية قد صنعت الملايين من الضحايا المعادين للمجتمع، وأزالت الإحساس بالمسؤولية المدنية … وإن تقليل قيمة الحقيقة وخضخضتها عملية خطيرة بشكل عميق”.
ويقولان أيضا:”إن الاحترام من دون تمييز لكل الثقافات ولكل الناس ولكل وجهات النظر يتدرج بظلاله نحو قبول معاداة التفكيرية ومعاداة الليبرالية، فلو كان كل شيء نسبيا لكنا نستطيع آنئذ أن نبرر أي شيء مثل أكل لحوم البشر، والإبادة العرقية”.
ولنسأل ذلك الكاتب: أليست التعددية بما فيها التعددية الحزبيبة السياسية هي أحد مرتكزات الليبرالية؟!
وحينئذٍ فهل هو يدعو إلى تفجير المجتمع بالتعدديات الحزبية؟!
ولنسأله أيضا: أليس من لوازم ذلك تكريس ثقافة التنافس على السلطة ومنازعة حكام الخليج؟!
والإجابة معلومة، وقد برهن الكاتب نفسه على ذلك في مقاله عن الملكيات الدستورية الذي سبقت الإشارة إليه وما فيه من تكريس لثقافة التنافس على السلطة والتعددية الحزبية وانتزاع الحكم من قادة دول الخليج باسم الملكية الدستورية.
وحينما يقول الكاتب:”الليبرالي هو الذي يحترم الرأي الآخر ولا يحاول فرض رأيه بالقوة”.
نرى أن هذا التعريف المختزل مبني على الإفراط في النسبية التي سبقت الإشارة إليه من قبل ريتشارد كوك وكريس سميث، والكاتب نفسه لم يطبِّق هذا المعنى على سبيل المثال في نقده للإخوان المسلمين في مقاله (الإسلاميون في الإمارات ليسوا مدافعين عن حقوق الإنسان) حيث وصفهم بكراهية الغير والطائفية والإقصائية والعنصرية ووصف خطابهم بالبغيض.
ولا شك بأن الإخوان المسلمين ينطبق عليهم هذه الأوصاف وبجدارة، ولكن لنسأل الكاتب: أليس هذا التناول للإخوان بمثل هذه الكلمات وإن كانت حقا؛ يتعارض مع احترام الرأي الآخر الذي تُعرِّف الليبرالية به؟!
فإما أن تقول: كلا، بل إن وصف الآخر بالكراهية والطائفية والإقصائية والعنصرية هو من الاحترام!
ولنا أن نسأل حينئذ: في أي قاموس يكون ذلك؟!
وإما أن تقول: نعم؛ وحينئذ فإما أن يكون نقدك للإخوان صوابا وتكون الليبرالية على خطأ وإما أن تكون الليبرالية على صواب ويكون نقدك للإخوان خطأ.
ولا أدري أي الأمرين سيختار الكاتب!
والعجب أن الكاتب يحرص في نقده للإخوان على تسليط الضوء على مواضيع من قبيل الموقف من الخمور والاحتشام والغزل ونحوها كما فعل في مقاله (الليبراليون والإخوان المسلمون زواج بنية الطلاق) متجاهلا المشكلة الحقيقية، ذلك الذي لا يتوقف خطره على تجاهل الداء الفعلي فقط وإنما يتجاوز ليختزل الطرح في قالب سطحي خطير يتسنى به للإخوان المسلمين ممارسة التلاعب والتدليس وأن يجعلوا من أنفسهم أمام المجتمع دعاة فضيلة وأنه لا جرم لهم إلا موقفهم من الخمور والاحتشام والغزل!
وانظر حينئذ إلى أثر هذا النوع من الخطاب وتلك الانتهازية في استجلاب تعاطف الآخرين أو استقطابهم.
ولا أدري في الحقيقة هل يتعمد الكاتب إعطاء هذه الفرصة للإخوان المسلمين في تحالف خفي من نوع ما أم أنه لا يعي أبعاد مثل هذا الطرح؟!
والعجب أيضًا أن هذا الكاتب بدلا من أن يبين الخطر الفعلي لتنظيم الإخوان المسلمين ويسلط الضوء على سلبياتهم الحقيقية إذا به يصدِّر مقاله (الإسلاميون في الإمارات ليسوا مدافعين عن حقوق الإنسان) بنسخته العربية الموجهة إلى الداخل الإماراتي بالتمثيل لعنصريتهم بأنهم انتقدوا فتاة إماراتية خرجت في برنامج تلفازي في البلد الفلاني، ذلك النقد الذي قد يوجِّهه إلى هذه الفتاة أي إماراتي يرى من وجهة نظره أن نوعية اللباس على سبيل المثال لا يتوافق مع ما هو معهود من لباس الفتاة الإماراتي أو أن هذه الفتاة تمثل نفسها وتتكلم باسمها ولا تمثل فتيات الإمارات أو تتكلم باسمهن أو نحو ذلك من النقد.
والعجب أننا نجد أن الكاتب نفسه في المقال بنسخته الإنجليزية يعترف بذلك فيضيف إلى من سماهم بالإسلاميين قوله:” along with other conservative elements”!
ولنا أن نتساءل: من هم العناصر المحافظة الذين يعنيهم الكاتب؟!
وأين التناول الدقيق للسلبيات الفعلية للتنظيم الإخواني إذا كان المثال المذكور أمرا ينطبق على الإخواني وعلى من يسميهم الكاتب بالعناصر المحافظة في المجتمع؟!
وإذا كان هناك من وصف تلك الفتاة بأوصاف غير لائقة فهل كان كل نقد كذلك؟!
ولماذا يسعى الكاتب – شعر أو لم يشعر – إلى أن يجعل الإخوان المسلمين يمارسوا التلبيس والتدليس وقلب الحقائق ويقولوا كذبا وزورا: إن مشكلتنا هي أننا دعاة فضيلة نحرص على الحشمة وندافع عن العادات والتقاليد الإماراتية ولم ننتقد فلانة إلا على ضوء هذه المعايير؟!
وما الفرق حينئذ بين هذه المزاعم وبين أي رجل أو امرأة في المجتمع الإماراتي يرى أن فعلا معينا على سبيل المثال يسيء إلى الحشمة أو يتجاوز العادات والتقاليد والأعراف؟!
إن الحقيقة تكشف لنا بجلاء أن الإخوان المسلمين ليسوا دعاة فضيلة ولا إصلاح، بل هم أصحاب أيدلوجية فكرية وولاءات حزبية مناهضة لثوابت المجتمع، وهم انتهازيون إلى أبعد حدود، ومطبقون وبقوة للسياسة الميكافيلية في تحقيق أجنداتهم، وحريصون غاية الحرص على صياغة أي نقد باسم الفضيلة والإصلاح في سياقات مليئة بالطعن في الدولة والاستعداء عليها والنيل من شرعيتها، فلا يعنيهم الفضيلة والإصلاح بقدر ما يعنيهم إسقاط الدولة ومحاولة الاستحواذ على السلطة، ولا يعدو عندهم نقد فلان أو فلانة في حفل أو برنامج تلفازي أو غيره من كونه سُلَّما للطعن في الدولة والاستعداء عليها، وحينئذ فليست المشكلة الحقيقية هي في نقد المغنية الفلانية أو غيرها أو نقد سلوك اجتماعي معين أو مناقشته وإنما هي في تسييس هذا النقد لتحقيق الأجندات الحزبية والاستعداء على الدولة.
وإذا كان طرح هذا الكاتب من الممكن تبريره عند البعض في النسخة الإنجليزية من المقال باعتباره خطابا للغرب الذي لا يعترف إلا بمثل هذا النوع من النقد؛ فما وجه التبرير للمقال بنسخته العربية الموجهة إلى الداخل الإماراتي بتصوير الفكر الإخواني بالسطحية السابقة التي قد يُساء فهمها واستغلالها نتيجة نوع الطرح غير الموفق؟!
إننا حينما نسلط الضوء على مثل هذا الطرح فإننا نعلم باليقين أنه يمثل جانبا كبيرا من الخطورة والأثر السلبي في التأثير على الرأي العام في مجتمع يصفه البعض بالمحافظ وإعطاء صورة خاطئة عن حقيقة الفكر الإخواني، ذلك الذي يمثل طريقا ممهدا للتنظيم الإخواني الانتهازي ليمارس سياسة قلب الحقائق ومحاولة التأثير على الآخرين وتصوير الأمور على أنه صراع بين الانفلات والفضيلة وبين الإسلامي وغير الإسلامي وبين حماة الفضيلة ودعاة الإصلاح وبين من يضعونهم على الطرف المقابل.
وتكمن الخطورة أيضًا في استخدام هذا الكاتب مصطلح (الإسلاميين) إشارة منه إلى الإخوان المسلمين في مقاله (الإسلاميون في الإمارات) وفي مقالات أخرى، وهذا الاستخدام وإن كان دارجا في كثير من وسائل الإعلام ولدى العديد من الكتَّاب واكتنفه جدل كبير بين مؤيدين ومعارضين؛ فقد أصبح استخداما محفوفا بالسلبيات والمخاطر، والتي منها:
1- عدم وجود معنى محدد لهذه الكلمة مُجمع عليه عند الكتاب المعاصرين والدوائر الثقافية والإعلامية، فتارة يُطلَق على من يؤمن بأن الإسلام دين ودولة ويُجعَل في مقابله الفكر العلماني المتمثِّل في فصل الدين عن الدولة، وتارة يُقال غير ذلك.
2- أنه يقسِّم المجتمع المسلم إلى إسلاميين وغير إسلاميين، ولنا أن نتساءل حينئذ: ما هو تعريف (المسلم غير الإسلامي)؟!
3- أن إطلاق هذا المصطلح على فئة من المنتسبين للإسلام دون غيرهم مخالف للمعنى الذي تم تناوله في أروقة العلماء في القرون الماضية، فقد استعمل أبو الحسن الأشعري هذه الكلمة – وقد قيل بأنه أول من استعملها – بمعناها العام والذي يشمل كل من يتبنى فكرا عقائديا منسوبا للإسلام سواء كان فكرا معتدلا أو متطرفا، وألف في ذلك كتابه الشهير (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين)، وجعل بإزاء هؤلاء من سماهم بـ (غير الإسلاميين) وألف في ذلك كتابا بعنوان (مقالات غير الإسلاميين)، وعنى بهم: الدهريين والثنويين وغيرهم من أصحاب المعتقدات غير الإسلامية، وعلى هذا المعني درج العلماء على سبيل المثال في تقسيم الفلاسفة إلى: إسلاميين كابن سينا والفارابي، وغير إسلاميين كأرسطو وأفلاطون.
4- أنه ذريعة لإعطاء تصور مغلوط مفاده أن الدولة تحارب الإسلام، ذلك الذي يروج له التنظيم الإخواني.
5- أنه يمثِّل دعاية كبيرة للتنظيم الإخواني ويعطي له فرصة على طبق من ذهب لمزيد من الإيغال في استغلال الشعارات الدينية لتحقيق أجنداته والتغرير بالناس بادعاء أنهم من يمثل الإسلام أو الفكر الإسلامي في مقابل غير الإسلاميين.
6- أنه ذريعة لنشر الفكر الليبرالي والعلماني.
إلى جانب مصطلحات أخرى من قبيل (الإسلام السياسي) والذي لا يقل خطورة عن اللفظ السابق، وفيه من السلبيات نظير ما سبق وأكثر، وإذا كان الإخوان المسلمون يزعمون زورًا وبهتانا أنهم أصحاب الفهم الصحيح للإسلام وأنهم متميزون بفهمهم للإسلام الشامل لكل جوانب الحياة كما جاء ذلك على سبيل المثال في كتاب (دعوة الإصلاح في الإمارات)ص13 من إعداد قيادات الإخوان المسلمين في الإمارات؛ فإن المصطلح المذكور (الإسلام السياسي) من شأنه تعزيز هذا الادعاء والتلبيس، وتحريف المشكلة مع الفكر الإخواني من خطر أيدلوجي حزبي كبير ومعطيات فكرية متطرفة وولاء خارجي لتنظيم أممي يسعى للسيطرة السياسية وبث الفرقة في المجتمعات؛ إلى حصر سلبي مختزل يتعرض للدين الإسلامي نفسه من حيث هو دين محصور بين جدران المسجد أم دين شامل لجميع جوانب الحياة.
ولقد أسهم هذا التعاطي الخاطئ مع التنظيم الإخواني من طرف بعض الكُتَّاب ودوائر إعلامية وثقافية في بعض المجتمعات واستخدام مصطلحات من قبيل الإسلاميين والإسلام السياسي عند الكلام عن هذا التنظيم؛ أسهم ذلك في استجلاب تعاطف جماهيري غير مقصود مع الإخوان بتصوير الأمر لدى بعض الفئات المغرَّر بهم على أنه صراع ضد الإسلام وأن الأمر مفترق طريق بين ما هو إسلامي وغير إسلامي.
وإذا كان هناك من استخدم هذه المصطلحات بحسن نية لمواجهة الفكر الإخواني فلم يكن الأمر كذلك بالنسبة للعلمانيين، فلقد أحدث التجاذب في هذه المصطلحات بين الإخوانيين والعلمانيين على وجه الخصوص على تصوير الفكر الإخواني في بعض المجتمعات بأنه المنافح عن الإسلام وتعاليمه وأنه صمام الأمان من الهيمنة العلمانية، في الوقت الذي حرص فيه العلمانيون هم الآخر على توظيف هذه المصطلحات لفرض الفكر العلماني، مما أحدث حالة من الصراعات الفكرية المتأزمة وحالة من الفوضى والقيل والقال ومحاولات انتهازية من الطرفين الإخواني والعلماني لبسط أفكاره وأجنداته في المجتمع باستغلال تلك الكلمات.
وأخيرًا؛ فالحديث ذو شجون، والمقال لا يحتمل أكثر من هذا، وإننا نأمل وبحرارة من هذا الكاتب أن يتفطن لهذه الأمور، وأن يسخِّر قلمه في الدفاع عن دولته وقيادتها وثوابتها، وأن يكون من المتسابقين في مضمار الأقلام الوطنية التي تذب عن الوطن، ذلك الذي يرفع شأنه ومقداره عند الله سبحانه وعند أبناء وطنه، وأن يحرص في مقالاته على إبراز الصورة المشرقة لدولته؛ دولة الإمارات العربية المتحدة، ذلك ما نتمناه ويتمناه كل غيور على هذا الوطن.

Single Post Navigation

2 thoughts on “العلمانية والإخوانية خطران يهددان دول الخليج – مناقشة أحد الكُتَّاب

  1. ينادي اللبراليين الي الحرية المطلقة في كل شئون الحياه فلا وجود لقيم ولامبادئ فالكل يفعل ما يريد فتتحول المجتمعات الي حطام فلا أخلاق ولا مبادئ بل مجتمع حيواني يلهث وراء كل ما يشتهي ملغيا بذلك العقل. أما الإخوان فهم يغفلون إطماعهم السياسية بقشور هشه من الدين . فهم يأخذون من الدين ما يناسب مصالحهم

  2. يالله يا كبير يا عزيز يا جبار احمي دولة الامارات

أضف تعليق