مدونة كاتب إماراتي

مدونة ترسم كلماتها أقلام إماراتية مبدعة ، تحمل هم الوطن ، وتكتب دفاعا عنه ، بفكر معتدل ، ورؤية وسطية

سعيد حارب والدور الخطير في تصدير الثورات

في زمن أحوج ما يكون فيه الإنسان إلى التحلي بالنظرة المتزنة التي تنير له الطريق إلى بناء نفسه وبناء مجتمعه وبناء دولته ووطنه إذا بالبعض يدير ظهره لهذه المعاني كلها ويستميت في نشر أفكار الهدم والضياع والفوضى وذلك بالترويج للأفكار الثورية الفوضوية التي ساهمت في ضياع شعوب وخنقها بأيادي البؤس والشقاء.
ومن هذه الشخصيات التي ساهمت بصورة علنية في تأييد الثورات ودعمها والتنظير لها والغناء على أوتارها المميتة بل وهددت بها دول الخليج وحكوماتها وحرضت الشباب عليها بطرق ماكرة متلوية الدكتور سعيد عبد الله حارب.
نعم! لقد كان سعيد حارب يمارس دورا محددا واضح المعالم، وإذا كان غيره قد مارس أدوارا أخرى فقد كان دوره هو محاولة تصدير الثورات إلى دول الخليج بطرق ماكرة مبنية على تكثيف الخطاب الثوري لا على وجه تأييد ثورات بعينها في بلدان معينة وإنما على وجه التنظير للفكر الثوري عموما واعتبار الثورات وسيلة وحركة وآلية ومشروع للتغيير والإصلاح في المجتمعات.
وقد لا يتصور البعض حجم الخطاب الثوري في كتابات سعيد حارب فيظن أن الأمر كلمة أو كلمتين أو تأييد لثورة أو أخرى، والأمر في الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، فهي مقالات متوالية وتنظير مستمر للفكر الثوري، وها نحن نسرد نماذج من هذا الخطاب الثوري للوقوف على حقيقة دور سعيد حارب في مشروع الفتنة والتحريض.
فمن الأساليب التي اتبعها سعيد حارب في الترويج للثورات:
(1) وصف الثورات بأنها نبعت من فوهة الحرية وأنها استجابة لدعوات الكرامة والطريق الممهد إلى الديمقراطية وأنها تجسيد للمبادئ الإنسانية.
يقول سعيد حارب: “ثورتا تونس ومصر كانتا بحراك داخلي صرف، ولم تكونا استجابة لدعوات خارجية على الرغم من تأثرهما بما يدور في العالم من دعوات الحرية والديمقراطية” [مقال: تجليات المشهد العربي].
ويقول أيضا: “الثورات الحالية جعلت العرب يدخلون مرحلية الثورية بالمشروعية السياسية التي تنبع من فوهة الحرية”! [مقال: ماذا بعد الربيع].
ويقول أيضا في المقال نفسه: “ولعل التجربة الليبية خير مثال على أن القوة لا يمكن أن تقف أمام مطلب الشعوب في الحرية”!
ويقول أيضا: “الثورات العربية لم تخل من رؤية قامت على المبادئ الإنسانية كالحرية والديمقراطية وسيادة القانون والعدالة ومحاربة الفساد”!
ويقول: “إن الذين خرجوا في شوارع المدن التونسية والمصرية والعربية لم يكونوا يبحثون عن طلاسم يعمل المنظرون على فكها وتحليلها، بل عن شيء اسمه الحرية” [مقال: أشواق الحرية].
ويقول أيضا: “لقد خرجت الملايين في تونس ومصر، تلبي نداء الحرية، وتجاوبت معها أصداء العرب في كل مكان، فالحرية ليس لها وطن ولا نسب، لذا قد يصبح من اللغو أن نسأل: عن أي البلدان العربية التي يمكن أن يتكرر فيها السيناريو التونسي أو المصري، إذ إن السؤال الذي يمكن أن نطرحه: أي المجتمعات تغيب عنه الحرية والعدالة، ثم نستنتج بعد ذلك الإجابة!!” [مقال: أشواق الحرية].
ويقول أيضا: “لقد ضحى التونسيون بدماء أبنائهم من أجل استعادة حريتهم، ولذا لا يمكن فهم حركة الشعب التونسي على أنها حركة خبز بل هي حركة كرامة!!” [مقال: الخبز والكرامة].
ويقول: “يكفي هذا الجيل أنه قاد شعوبه إلى صناديق الاقتراع، فالعرب لم يعرفوا الطريق النزيهة إلى صناديق الانتخاب إلا على يد الشباب، ولم يعرفوا الديمقراطية الحق منذ أن سمعوا بها إلا بتضحيات هؤلاء الشباب، ولذا فهم أصحاب الحق الرئيسي في الحكم على نتائج ثوراتهم وتقويمها إذا احتاج الأمر لذلك” [مقال: ماذا بعد الربيع].
(2) اعتبار الثورات وسيلة للإصلاح واسترداد الحقوق.
يقول سعيد حارب: “وبدلا من ذلك فقد تمت هيمنة الحزب القائد أو الزعيم الواحد وسيطرة الأجهزة الأمنية، وانتشار القمع والتعذيب والتشريد، وغياب الحريات والكرامة الإنسانية، حتى لم يجد الناس أمامهم سوى الثورة لإصلاح أحوالهم والعيش في هذا العصر الذي اتسعت آفاقه” [مقال: ضيعة تسويف].
(3) اعتبار الثورات طريق الخروج من التخلف.
يقول سعيد حارب: “أما الثورة في اليمن فقد أعطت بسبعة أشهر من سلميتها ومئات الضحايا أنها ثورة سلمية حتى النخاع، وهم مصرون على المضي بهذه الثورة حتى النهاية لأن اليمنيين يعلمون أن هذه الثورة هي طريقهم للخروج من قعر التخلف” [مقال: الوطن المنسي].
(4) اعتبار الثورات أساليب سلمية مشروعة لتحقيق الأهداف.
(5) وصف الثورات بأنها البديل عن مشروع العنف.
(6) اعتبار الثورات واجهة حضارية مشرفة للعرب والمسلمين أمام العالم.
(7) اعتبار الثورات نموذجا للتلاحم الشعبي والوحدة الوطنية.
يقول سعيد حارب: “لكن أبرز مستجدات العرب وهي الثورات الشعبية جاءت لتقدم نفسها بديلا عن مشروع العنف الذي كانت الأنظمة تستند عليه لتبرير قمعها للشعوب بدعوى مواجهة الإرهاب أو الحرب عليه، فجاءت الثورات الشعبية السلمية لتقرر مبدأ مهما وهو أنها بأساليبها السلمية المشروعة تستطيع أن تحقق أهدافها المشروعة أيضا، وأن ما عجز مشروع العنف عن تحقيقه في ثمانية عشر عاما استطاع الشعب المصري تحقيقه في ثمانية عشر يوما!! بل إن هذه الثورات استطاعت أن تغير إلى حد كبير الصورة السلبية التي رسمها مشروع العنف عن العرب والمسلمين، بل تكسب مزيدا من التعاطف والاهتمام الدولي لقضاياهم، وتحقق أفعالا كثيرة على الأرض فقد أعادت الحضور العربي على المستوى الدولي، وأعادت للقضية الفلسطينية روحها التي كادت تئِدها الأنظمة السابقة تحت دعوى مواجهة الإرهاب، بل أسقطت الورقة التي كانت الأنظمة تلوح بها في وجه كل مطالب بالحرية والديمقراطية، كما أن هذه الثورات تجاوزت البعد الفئوي للمجتمع من خلال تقسيمه قبليا أو حزبيا أو عرقيا أو دينيا، وقدمت نموذجا للتلاحم الشعبي وهو ما لم يستطع مشروع العنف أن يقدمه أو يتعامل معه. إن تراجع مشروع العنف قد بدت ملامحه لتحل محله إرادات الشعوب، وليس هناك مبرر أن يتم قمع حركات الشعوب المطالبة بحقها المشروع في الحرية والمشاركة والديمقراطية وسيادة القانون، فلم تعد الشعوب مؤمنة بمشروع العنف لكنها مؤمنة بمشروعها السلمي” [مقال: هل تراجع مشروع العنف].
ويقول: “لا يستطيع تيار واحد أن يزعم أنه وحده المحرك لهذه الثورات، وهذا ما أضفى عليها وحدة وطنية انعكست على مرحلة ما بعد الثورة” [مقال: الإسلام والديمقراطية في زمن الثورات].
(8) التحسر على تأخر الثورات وادعاء أن تأخرها راجع على حد قوله إلى ثلاثة أسباب: الأول: تخويف الأنظمة العربية الدكتاتورية من إسرائيل، الثاني: عدم نضج التجربة السياسية للأجيال العربية، الثالث: الرغبة الغربية في الهيمنة على المنطقة العربية! [مقال: لماذا تأخر الربيع؟].
هكذا يتحسر سعيد حارب على تأخر الثورات ويعتبر وقوعها دليلا على النضج السياسي!!
ويقول أيضا: “إن ربيع العرب قد تأخر عشرين عاما، لكنه لم يخلف الموعد”!! [مقال: رسائل من بر المحروسة].
(9) وصف الثورات بأنها تجربة إنسانية متميزة.
يقول سعيد حارب: “قد انخلع جيل الشباب الثائر من القيود الفكرية التي تحد من حركته وتصوراته، ووضع قدمه على الطريق وتبعه الجميع، وهي تجربة إنسانية متميزة”! [مقال: ماذا بعد الربيع].
(10) اعتبار الثورات اللحظة التاريخية التي أعادت الهوية والقوة للإنسان العربي وأرجعت إليه ذاته.
يقول سعيد حارب: “إن الأيام القليلة الماضية بينت أن العرب يعيشون حالة تحول واكتشاف لذاتهم التي غابت عنهم سنوات طويلة، وما حدث هو استرجاع لهذه الذات، أو عودة للوعي، فمنذ سنين والعرب يمارسون دور الفرجة على ما يدور حولهم، ولم يتجرأ أحدهم ليعلق جرس التغيير، ورغم كل التحولات التي كانت تدور حولهم فإنهم بقوا مستعصين على التغيير، بل إن القابلية للتغيير كانت تقترن بالفوضى في مخيلة الإنسان العربي، لا فرق بين نظام ومواطن، لكنهم اكتشفوا أخيراً أن الحرية هي النظام، ولا بديل عن الحرية سوى الفوضى أو الدكتاتورية، إذ لا يستقيم شأن الحياة بالفوضى، ولا تتقدم بالدكتاتورية، لذا فإن الذين كانوا يهتفون في شوارع تونس ومصر ضد النظام، كانوا يهتفون في الوقت نفسه ضد الفوضى والدكتاتورية [مقال: أشواق الحرية].
ويقول أيضا: “نفض العرب يدهم من هدايا العم السامة، وعلموا أن جلدهم لا يحكه إلا ظفرهم، وعند أول حكة اكتشف العرب جهلهم بقوتهم، فكانت شرارة البوعزيزي في أطراف تونس، تضيء ليل ميدان التحرير بالقاهرة، ولم يكتشف العرب قوتهم فقط، بل اكتشفوا إمكانياتهم المبدعة المخبأة في الطاقات الشابة التي تبحث عن مكان تحث الشمس قبل أن تبحث عن طعم الخبز، واكتشفوا عالما افتراضيا وشبكات من التواصل الاجتماعي لم تكن للدردشة والمعاكسات كما تقول التقارير والدراسات الأكاديمية الصماء، بل كان هذا التواصل يؤسس لجيل جديد لا ينقطع عن انتمائه، لكنه يتطلع لأن يكون حاضراً على صفحة الحياة، شأنه شأن البشر في العالم، وأن إهلاكه بالبحث عن لقمة العيش لم يمنعه أن ينقب في صفحات الحرية، فالحرية تأتي قبل الخبز دائما، وبالمقابل اكتشف العرب أنه ليس بالأمن وحده يحيا الإنسان، فما قيمة الأمن إذا فقد الإنسان كرامته، كما أن الأمن هو أمن الوطن، كل الوطن، وليس النظام وحده، وأن الشعب قادر على حفظ أمنه حتى ولو غابت أجهزة الأمن، بينما يعجز الطغاة عن السير خطوات دون إخلاء الشوارع الجانبية، لأنه حين تغيب العدالة يغيب الأمن”!! [مقال: رسائل من بر المحروسة].
(11) اعتبار الثورات الطريق لزوال القمع والفساد والتخلص من هيمنة الزعيم الأوحد.
يقول سعيد حارب: “أصر الثوار العرب على سلمية ثوراتهم حتى وهم يتلقون رصاص أنظمتهم مما أكسبهم احترام العالم وتعاطفه، وكشفوا بذلك كثيرا من الأوهام التي صنعتها نظمهم حين خوفتهم أنه لا حل إلا بوجود الزعيم القائد الملهم، وإن زواله زوال للبلاد والعباد، فاكتشفوا أن زواله لم يكن إلا زوالا للقمع والفساد والتخلف وهيمنة الحزب الواحد والزعيم الأوحد، وأن الأنظمة الأكثر بطشا هي الأنظمة الأكثر قابلية للزوال، وأن أي فوضى أو مشكلات قد تنجم عن زواله ليست إلا كآثار المرض عند التماثل للشفاء”!! [مقال: ماذا بعد الربيع؟].
(12) اعتبار الثورات إحياءً لحركة الشارع وإعطاءه الدور الذي تم تغييبه.
يقول سعيد حارب في إحدى تغريداته: “الثورات أنتجت نخبا جديدة وأعطت للشارع دورا بعد أن تم تغييبه لسنوات طويلة”.
(13) اعتبار الثورات أمل المثقفين العرب وغايتهم المنتظرة.
يقول سعيد حارب في إحدى تغريداته: “الثورات العربية فاجأت المعرفة عند المثقفين العرب فقد كانوا ينتظرونها لكن لم يتوقعوها”!
(14) التحريض على مزيد من الثورات.
يقول سعيد حارب: “وكل هؤلاء هربوا بثورات شعبية في فترة لم تتجاوز ثلاثة عقود، وبات من يسأل: من التالي؟ لا تسألوا الطغاة.. اسألوا الشعوب؟”!! [مقال: صناعة الطغيان].
(15) وصف الشعوب التي لا تثور على حكامها بالضعف والخوف.
يقول سعيد حارب: “إن تجارب هرب الطغاة تشير إلى أن الطغيان لا يسود بقوة الدكتاتور أو طغيانه، بل بضعف الشعب وخوفه وتردده” [مقال: صناعة الطغيان].
ويقول في تغريدة له: “لقد تم تخويفنا من أن غياب الرؤساء الذين سقطوا سيؤدي إلى ضياع الدولة وقد تبين غير ذلك”؟!!

(16) استرخاص ما نتج عن الثورات من مفاسد وتشبيهها بآثار المرض عند التماثل للشفاء!!
يقول سعيد حارب: “إن الأنظمة الأكثر بطشا هي الأنظمة الأكثر قابلية للزوال، وأن أي فوضى أو مشكلات قد تنجم عن زواله ليست إلا كآثار المرض عند التماثل للشفاء”!! [مقال: ماذا بعد الربيع؟].
ويقول أيضا في تشبيه آخر عجيب: “إننا لا نستطيع أن نطلب ممن ولد بالأمس أن يمشي في اليوم الثاني من ولادته”!! [مقال: عام من الثورات العربية.. ماذا تحقق؟].
فهذه نماذج من الدور الخطير الذي مارسه سعيد حارب في تصدير الثورات.
نعم! لقد كان سعيد حارب يتفنن في تصدير الثورات وتجميل صورتها والانتشاء بسمومها ويتهم من لا يثور بالضعف والخوف.

Single Post Navigation

أضف تعليق